كتاب: أضرار الحكم القبلي






























أضرار الحكم القبلي في دول الخليج العربية (الحكم في البحرين نموذجا)

جمعية الإرشاد، حقوق الطبع و النشر محفوظة، الطبعة الأولى 2003

بقلم: السيد العلوي



مقدمة: يحكم دول الخليج العربية وهي المملكة السعودية و دولة البحرين و سلطنة عمان و دولة الإمارات العربية المتحدة و دولة قطر و دولة الكويت إضافة إلى جمهورية العراق في عهد الطاغية صدام أنظمة قبلية ترعى مصالح القبيلة الحاكمة و تكرس كل خيرات البلد لمصلحتها ثم ترمي الفتات إلى بقية الشعب مما أدّى إلى أضرار بليغة و خسائر فادحة للوطن و المواطن لن تعوض أبدا بل كوارث مستقبلية سيأتي بها الزمان عاجلا، و قد أخذ الكاتب حكومة البحرين نموذجا باعتباره النموذج الأوضح لديه لبيان تلك الأضرار المباشرة و غير المباشرة التي لحقت بكل شعب البحرين مع اختلاف مشاربهم و آرائهم في الحكم، و قد عم ظلم الحكم في هذا البلد الصغير كل من يشم منه رائحة الاحتجاج على سوء الإدارة و الفساد و تركز ضد الشيعة الذين يطالبون بالحرية لكل أفراد الشعب، و أخذ أبناء السنة الذي ينافقهم النظام و يستغلهم نصيبهم من الظلم دون أن يعلم كثير منهم، و هذا ما أراد بيانه الكاتب بعد حوارات مع أبناء السنة الوطنيين و الإسلاميين الذين يدركون حقيقة النظام و ظلمه إياهم. و بعد جهاد و نضال الشيعة في التسعينات استطاعوا أن ينتزعوا حق حرية التعبير لكل الشعب و إثبات فشل القبيلة الحاكمة في إرساء دعائم حقيقية للحرية و احترام كرامة الإنسان و أنّ ما تعمله من سياسات تتبجح بها ليس إلا خداع و دجل يراد منه تجاوز الانتفاضة العارمة التي هزت النظام و كادت (تنجح في ) إسقاطه.

جمعية الإرشاد


بسم الله الرحمن الرحيم

أضرار الحكم القبلي

{ قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد} (46 سبأ)

عندما يستعرض المرء في مخيلته شرائح المجتمع البحريني بجميع طوائفه يجد أن كل فرد من أفراد المجتمع الصغير في هذه الجزر الوادعة قد ناله ظلم وفساد حكم أسرة آل خليفة بل حتى أفراد هذه الأسرة يشتكون من استئثار فئة منهم بكل الغنيمة ورمي الفتات منها لباقي أفراد الأسرة وهذه هي طبيعة الظالم عموما لا يهتم إلا بنفسه.

إن البعض يظن أن السنة منتفعون من النظام لأنه يفضلهم على الشيعة لكن المتفحص لحقيقة الأوضاع يجد أن السنة أنفسهم مظلومون مضطهدون نعم ظلمهم واضطهادهم في السنوات الأخيرة اقل من الشيعة لكنهم وفي النتيجة العامة مضطهدون كما هو شان كل مواطن في هذه البلاد، ولنستعرض بعض أنواع الاضطهاد الذي يطال كل المواطنين لنتقرب من فهم أفضل للواقع الموجود، إن هذه النظرة التي سأطرحها هي نتاج لحديث مطول ومعمق مع بعض إخواننا المفكرين من السنة الإسلاميين وغير الإسلاميين والذين أوضحوا لنا الواقع الذي يعيشون بشكل غير الذي يعتقده الكثير.

في المجال الديني
تنطلق سياسة آل خليفة في التعامل مع الأشياء من منظور واحد أساس وهو المصلحة الذاتية ومن هذا الشيء "البرغماتية المطلقة" والغاية المتمثلة في حفظ حكم آل خليفة قبل كل وسيلة تتخذ للحفاظ على استمرار الحكم المطلق الذي يتمتعون فيه بمزايا الحكام في القرون الوسطى وما قبلها. ولا يختلف تعاملهم مع الدين قيد أنمله عن هذا الأساس في التعامل مع الدين، فآل خليفة لم يكونوا في يوم من الأيام من حملة الدين أو الداعين له ولا حتى من المتمسكين به، وهم للأنصاف لا يدّعون شيئاً من ذلك في أنفسهم عدا صلاة العيد التي يجد الأمير نفسه مضطرا لأدائها تحت عدسات التلفزيون أسوة بباقي الحكام في منطقتنا العربية والإسلامية.

ومن خلال هذا التقييم لسياسة آل خليفة وكيفية التعامل مع الأشياء حولهم نفهم تصرف آل خليفة مع الدين والمتدينين (الإسلاميين) فهم ليسوا مع الدين والمتدينين ولا ضد الدين والمتدينين من السنة والشيعة إذا لم يؤدي هذا الدين والتابعين له خطر على استمرار الحكم المطلق لآل خليفة وفي اللحظة التي يتحول فيها هذا التدين إلى تشكيل أي خطر على هذا الحكم الدكتاتوري الأسرى فان آل خليفة يقفون له بالمرصاد ويحاربونه اشد محاربة سواء كان سني المذهب أم شيعي المذهب، وإذا لاحظنا بعض التسامح مع التدين السياسي في يوم من الأيام فقد كان يقصد أحداث المواجهة بين هذا التدين مع التيارات اليسارية التحررية في فترة الستينات. فالدين جزء من أدوات المواجهة ليس له أي قيمة مقدسة ولا يشكل أي مبدئية في منطلقات آل خليفة في التعامل معه ونرصد هنا بعض المظالم التي نقع على التيار الديني السني من دكتاتورية الأسرة.

سلب الحق في التنظيم:
في الوقت الذي حرم آل خليفة التنظيمات الدينية الشيعية بشكل مطلق تقريبا ما رسوا ضغوطات كبيرة على التيارات الدينية المتفتحة من إتباع المذهب السني فجميعه التربية التي يساهم في إدارتها الشيخ عبد اللطيف المحمود لم تحصل على إجازة البناء وإجازة الممارسة إلا بشق الأنفس وبعد التعطيل لمدة سنوات لا لنقص في توجه هذه الجماعة تجاه السنة والدين الإسلامي بل لأنّ هذه الجماعة لديها شئ من عدم الرضى على الأسلوب الذي تدار به البلاد بعيدا عن المشاركة الشعبية في القرار السياسي.
هذا لا يعني أن الجمعيتين الأخريتين لا تعاني من صعوبات إدارية في التعامل مع أجهزة السلطات فاختيار نموذج جمعية التربية من باب المثال على معوقات إدارية أمام العمل الإسلامي.

سلب حرية التعبير:
بعد أن تنجح الجماعات الدينية في تعدي عقبة الاعتراف الرسمي وبناء مقرات العمل تعاني من الإجراءات القمعية التي تصب في اتجاه سلب هذه التجمعات القدرة الفعلية على أداء رسالتها التي أنشئت من أجلها واهم هذه الإجراءات هي سلب الحرية من الأفراد القائمين على هذه الجمعيات وتكبيلهم بمجموعة من القوانين والأنظمة التي تحصي عليهم أنفاسهم فهم مجبرون على تقديم كشوفات دورية عن الواردات والصادرات المالية إلى وزارة العدل (الداخلية) وهم مجبرون على الحصول على الرخصة مسبقا إذا رغبوا في دعوة أي متحدث من الخارج ولديهم تعليمات صارمة وواضحة وتهديدات مبطنة بان يتجنبوا الدخول في أي شئ يغضب المتنفذين من آل خليفة حتى ولو كان في صلب اهتمامات الدين التقليدية مثل رفض شقق الدعارة وبيع الخمور وغيرها من الأمور التي تهتم بها هذه التجمعات وتعطيها أولوية في خطابها.

إن الكثير من المتدينين السنة المخلصين يجدون جهودهم تذهب هباء من جراء السياسات الحكومية التي تملك رأس المال الضخم في قبال مستواهم المادي والتي تعمل بشكل معاكس لجهودهم الخيرة فما يبنونه في سنة من جهود لإصلاح المجتمع تذهبه سياسات آل خليفة في أسبوع ولكنهم يجدون أنفسهم مضطرين للسكوت عن ذلك لسبب أو لآخر والرضي بالقدر اليسير من الإنجاز, أما وضع الأفراد من أئمة الجماعة وخطباء المساجد فان وضعهم اشد سوءً فهم لا يلقون كلمة إلا بموافقة وزارة العدل و يجب أن يرسلوا نصها إلى الوزارة, وأحيانا يطلب منهم إرسال الشريط المسجل للخطبة فلعل الخطيب قد تجاوز حدود الخطبة المكتوبة.

المراقبة:
و لا تقف المسألة عند هذه الإجراءات الصارمة بل بعد كل ذلك هناك الرقابة الشخصية التي تقوم بها وزارة الداخلية فتحصي الأنفاس على هؤلاء المتدينين فتراقب برامجهم الشخصية وتبث مخبريها في كل زاوية ومتى خرج أحد قيد أنملة تلقى العقاب المناسب لحركته بشكل أو بأخر.

إن ما سبق هو نماذج قليلة لما يعانيه الواقع السني المتدين وهناك جوانب أخرى اقتصادية وثقافية كطباعة الكتب وتوزيعها وإصدار المجلات والنشرات وغيرها تعاني الأمرين من إجراءات القمع الرسمية، فهل بعد ذلك هناك أدنى شك في الظلم الذي يقع على المتدينين السنة وعلى حريتهم وكرامتهم. و أي مستوى من الظلم أكثر من أن يسلب الإنسان حرية التعبير السلمي عن ما يعتقد نتيجة لانتمائه إلى دين أو مذهب معين.

في المجال الاقتصادي
وهو المجال الذي يعتقد اغلب الشيعة إن السنة يستفيدون منه بسبب السياسات الطائفية فهم المؤهلون للوظائف في الأجهزة الأمنية والوظائف العليا في بقية مؤسسات الدولة لكن المتأمل للوضع الاقتصادي سيجد أن هذه المميزات لا تعدوا فتات المائدة وان الوجبة الرئيسية قد التهمها آل خليفة ومجموعة محدودة من أصحاب النفوذ, وسنأتي ببعض الملاحظات على ذلك. و تلاحظ أنّ عدم التساوي في توزيع الثروة ( الدخل العام) على السنة أنفسهم فضلا عن الشيعة فآل خليفة دون السنة يستأثرون بما يقارب الخمسين في المائة من الدخل العام ويأكلون أكثر من نصف الكعكة دون مشاركة أحد من السنة مع أن عددهم محدود قياسا ببقية السنة في البلاد، وهم يتفننون في سرقة المال العام الذي هو مال السنة كما هو مال الشيعة ويبتكرون طرق لم تخطر على بال الشيطان نذكر منها:

1- السرقات المباشرة:

حصول كل فرد من آل خليفة على مرتب شهري منذ اليوم الأول لولادته ويحدد مقداره على مدى قربه أو بعده من شجرة سلمان الحاكمة إلى الدرجة التي يحصل بعضهم على مبلغ كبير جدا شهريا وهذا الأمر من أعجب المنكرات في جزر البحرين، فعلى أي أساس يدخل في حساب هذا الطفل المولود اليوم آلاف الدنانير والآلاف من المواطنين يعانون الأمرين في مأكلهم ومشربهم ومسكنهم.

2- المناصب:

مع خلق الإدارة الحديثة وتكوين الدولة في سنة 1971 اختفت أشكال من الكسب الحرام وغير المشروع الذي كانت تمارسه مجموعة من شيوخ آل خليفة لكنها خلقت أسلوب جديد يتناسب مع الدولة الحديثة وتعدد دوائرها الرسمية فكانت أول السرقات عن طريق:

الاستيلاء دون أدنى حق أو كفاءة على المناصب العليا في الوزارات والدوائر الحكومة فهناك ثمانية وزراء على الأقل و وكلاء وزارات ومدراء ومسئولي أقسام وكلما توسع العائلة و" كبر العيال" احتاجوا ألي مناصب جديدة وإذا لم تتوفر مناصب فلا بأس من رئاسة لاتحاد الخيل أو الجمال أو غيرها من التسميات المهم أنها وجاهة ومصدر كسب.

3-الضرائب:

منذ قدوم آل خليفة قبل أكثر من مائتين سنة استأثروا بنسبة من عرق الشعب في صيد اللؤلؤ وسرقوا جميع الضرائب التي تؤخذ على السفن التي ترسو في موانئ البحرين ولم تتوقف هذه السرقة لمصدر مهم من مصادر الدخل العام إلا في الإصلاحات الإدارية سنة 1923 ومن المعتقد أنها لم تتوقف عمليا إلا في زمن الاستقلال.

4-البترول:

لقد اعتاد آل خليفة على أخذ حصة ثابتة من مدخول النفط من سنة 1936 إلى سنة 1986، فقد كان الأمير يتقاضى حوالي 5% "والله أعلم" من مدخولات حقل جبل الدخان وعندما اكتشف حقل أبو سعفة وتم الاتفاق مع السعودية على اقتسام الإنتاج على أساس 100 ألف برميل للسعودية و 40 ألف برميل للبحرين كانت تدخل قيمتهما كاملة في الحساب الخاص للأمير إلى سنة 1986. و لك أيها الأخ السني الذي تشكل أقل من النصف أو الثلث من سكان البحرين حساب هذه الأرقام المسروقة من حقك ومن ثروتك التي منّ الله بها عليك وكلما تحتاجه هو آلة حاسبه والقيام ببعض عمليات الجمع والضرب.

5- الأراضي:

يعيش اغلب سكان البحرين البالغ عددهم حوالي 350 ألف نسمه في الثلث الشمالي من البلاد و أما باقي البلاد فهي ملك لآل خليفة ويمنع على أي فرد تعدى حدود معينة وهو يتجه إلى جنوب البلاد لان الشرطة أو الفداوية أو خدام الشيخ يجوبون المنطقة ويقيمون نقاط تفتيش هناك وكثيرا ما يخبرك أحدهم بان هذه المنطقة ملك للشيخ وغالبا ما تكون اللهجة للمتكلم هندية.

أما الثلث الأخر والذي يعيش فيه جميع سكان البحرين تقريبا فالكثير منه للأمير ولرئيس الوزراء ولباقي المتنفذين من آل خليفة لأنّ الأرض بسبب قانون " الفتح" الذي يتعامل به آل خليفة لمن فتح, فالأمير يملك كل أرض لا يوجد لها مالك معروف في دائرة العقار التابعة لوزارة الإسكان أو لم يستطيع مالكها تسجيلها نتيجة لبساطة المالك أو أميته وعدم معرفته بالقوانين.

وإذا أفلتت من الأمير فلا يمكن أن تفلت من رئيس الوزراء ( خصوصا أراضي المنامة) بل الألعن من ذلك أن المياه الإقليمية الضحلة التي من المتوقع قيام الدولة بدفنها لتوسيع رقعة العاصمة أو المحرق هي ملك مسبق لرئيس الوزراء أو أحد شيوخ آل خليفة وعلى الدولة أن تقوم بالدفن و على أفراد آل خليفة القيام ببيع هذه الأراضي الجديدة الغالية على شكل قسائم على المواطنين السنة والشيعة. و يشاع أن بنات الأمير ورئيس الوزراء قد تملكوا البحر الذي يزمع إقامته جسر الحد الجديد عليه والنتيجة أن الدولة عليها أن تعوض المالك عن خسائره الفادحة التي لحقت به من جراء بناء هذا الجسر على أراضي عائدة ملكيتها له.

وفي الوقت الذي لم نسمع أن رئيس الوزراء شمل برعايته الأبوية أحد من الناس أعطاه ارض لسكنه أو لتجارته فان الأمير سخي اليد بالأراضي التي يملكها من غير عرق جبينه فهو يوزعها بشكل مستمر على أفراد آل خليفة الآخرين أساسا ليقوموا في الغالب ببيعها والتجارة فيها فهم تجار العقار وقد يشمل برعايته وعطيته بعض المواطنين "المخلصين" أو بعض الأعمال الخيرية.

و المحصلة أن أكثر من ثلثي أراضي البلاد هي ملك لهذه الأسرة ويحرم السني قبل الشيعي من الحصول على حقه في قطعة أرض يسكنها دون أن يذل نفسه ويحابي ألف مسئول على يخرج بمساحة بثمانين في ثمانين قدما.

وهل هناك ظلامة أكثر من هذه وهل نجى السنة منها.

6- استغلال مؤسسات الدولة:

مع نشوء الدولة الحديثة في سنة 1971 نشئت جماعة طفيلية اتخذت على هذه المؤسسات ومع الأيام اعتادت على أكل وسرقة المال العام بشكل روتيني مقنن فأحتكرت المشاريع الاستثمارية الناجحة وأخذت الرشاوى الخيالية على توزيع مناقصات الدولة على التجار والمقاولين فكل خبطة لها فيها نصيب, ومع تمدد هذه الطبقة الوصولية ازدادت أضرارها لتلحق بجميع أوجه النشاط الاقتصادي ويتضرر من جرائها أغلب التجار الشرفاء ولم تكتف هذه الطبقة مع توسعها بالمشاريع الكبيرة بل دخلت حتى في بيع الرمل من "اللوزي" وحتى في أقل الوكالات التجارية سمعة, ولكن الغريب في الأمر أن وكرها الرئيسي هو مكتب رئيس الوزراء؟!

7- سرقة المال العام:

إذا كان في النقطة السابقة شئ من اللف والدوران فان رئيس الوزراء لا يحتاج إلى ذلك فقد نقل شهود عيان صرف شيك من ميزانية الدولة إلى الحساب الخاص لرئيس الوزراء وعندما سئل أحد الموظفين وزير المالية إبراهيم عبد الكريم عن الأمر أجاب أما ترى توقيع رئيس الوزراء.

ويشاع أن أموال صندوق التأمينات التي تعود إلى المواطنين شاركت ودون رجعة في بناء فندق المرديان "لسمو رئيس الوزراء" والأمثلة بالعشرات.

أما "سمو الشيخ علي" وزير المواصلات فانه يقضي وقته في التعرف على المشاريع الناجحة والوكالات المربحة ثم يدير قرص التلفون طالبا صاحب هذه الوكالة أو المشروع ليعرض عليه المشاركة مع سموه و إلا فالبيع أو التنازل وعلى التاجر التعيس الحظ الذي وقع عليه اختيار"سمو الشيخ" أن يختار.

8- عدم دفع الضرائب والرسوم:

إن المواطن العادي يصرف أكثر من ثلث راتبه المحدود على ضرائب الكهرباء والماء والبلدية وغيرها من الرسوم الشهرية والسنوية التي تفرضها عليه وزارات الدولة المختلفة في الوقت الذي يمتنع آل خليفة عن دفع فلس واحد إلى بيل (فاتورة) الكهرباء أو غيرها من الضرائب المفروضة على الفقراء ومن وقف على قضية سوق واقف ومزارع وبساتين آل خليفة وفنادقهم الخاصة يمكن أن يقدر حجم هذه الأموال المستحقة للدولة على هؤلاء القوم.

الأضرار الاقتصادية غير المباشرة
لقد استعرضنا بعض أوجه الظلامة العائدة من خلال الاستئثار المباشر للمتنفذين من آل خليفة ونستعرض في النقطة التالية الأضرار و الخسائر العائدة على المواطن السني والشيعي من سياسات آل خليفة الاقتصادية.

إهدار الثروات العامة:
لقد من الله علي ارض البحرين العزيزة بنعم متعددة على صغر مساحتها فوهبها الماء العذب والتربة الصالحة للزراعة وجعل في مياها الإقليمية أغنى مصائد اللؤلؤ وخير وفير من الأسماك هذا فضلا عن النفط الذي اكتشف في أراضيها سنة 1932 أي قبل أكثر من 68 عاما وبدلا من العمل على المحافظة على هذه المصادر تصرف آل خليفة بسياسة رعناء ودون تخطيط اتجاه هذه المصادر الأساسية مما عاد بأكبر الضرر على دخل المواطن وحياته الاقتصادية في هذه السنوات.

مصادر المياه تم التعامل معها بشكل غير مدروس وغير علمي وكأنها مصدر لا ينضب فتم ضخها واستخدامها في الكثير من الأحيان للأغراض الشخصية في المزارع والبساتين العائدة مكاسبها لآل خليفة كما لم تراعى الشروط والضوابط العلمية في عملية الحفر والدفن للبحار مما سبب في ملوحة الكثير من آبار المياه العذبة في البحرين، ولم تعمل الحكومة برغم توفر الميزانية في فترات من الطفرة النفطية أو غيرها من الفترات على إيجاد مصادر مياه بديلة كتحلية مياه البحر أو إعادة استخدام مياه المجاري لمشاريع الري والزراعة مما كان سينعكس بشكل إيجابي على منسوب المياه الجوفية في البحرين والشعب يعاني اليوم من مشاكل جدية وحادة تهدد مستقبل هذه الثروة الطبيعة الحيوية.

الثروة الزراعية:
عرفت البحرين ببلاد النخيل وللتدليل على ذلك سميت بأم المليون نخلة و الواقع أن البحرين كانت تحتوي على أكثر من هذا العدد إلا أن سياسة آل خليفة الاقتصادية التي اعتمدت على بيع النفط وصرف عوائده وهي عملية اقتصادية سهله وتخلت عن تنمية الثروة الزراعية في البحرين من خلال تبني المشاريع الزراعية المجدية على مستوى البحرين والقيام بالبحوث والدراسات لتطويرها على أساس علمي فما هي إلا سنوات قليلة بعد تصدير النفط وتوفر العملة الصعبة حتى عانت الزراعة من مشكلات أساسية من جراء السياسة الحكومية ومع مرور الأيام انتهى قطاع في غاية الأهمية كان يشكل مصدر دخل لأغلب سكان البحرين وزاد الطين بله في هذا الاتجاه سياسة الاستيراد غير المتزن ليحول الزراعة إلي مجرد ذكرى من الماضي وفي الوقت الذي تبذل فيه بعض دول الخليج المساعي لزراعة النخيل وتطوير البرامج الزراعية تموت النخيل وهي واقفة في جزر البحرين الحبيبة وهي بذلك تؤشر على موت قطاع اقتصادي هام لا زال تمثل في بلد صناعي متطور مثل فرنسا الـ 50% من المدخول العام.

مصائد اللؤلؤ:
من الصحيح أن لكل مرحلة زمنية الأنشطة التجارية والاقتصادية المناسبة فاللؤلؤ اليوم هو أقل جدوى اقتصادية من قبل قرن من الزمان لكن العيب في البلاد التي يقرن اسمها باسم " جزائر اللؤلؤ" أن تتعامل مع هذا المصدر بصورة الاستهلاك للوجود في قاع البحر وعدم تطوير الأبحاث والدراسات في هذا الجانب وعدم العمل على استمرار استغلال هذا المصدر وتطويره حتى في ضوء اكتشاف اللؤلؤ الصناعي لكن هذه الأمور أبعد ما تكون عن فكر من يفترض فيهم أن يخططوا للبلاد ومستقبل أبناءها.

مصائد الأسماك والربيان ( الثروة البحرية):
في جزر لا تتعدى مساحتها ال 700 كم من الطبيعي أن يفكر أهلها في الاستفادة القصوى من البحار المحيطة بهم ولو كان لنا حكومة واعية لكانت أساطيل صيد الأسماك التابعة للدولة أو للقطاع الخاص تجوب الخليج وبحر عمان وباقي بحار العالم و لكن التعامل الحكومي الخالي من التخطيط والنظر البعيد بالتعامل مع الثورة البحرية بشكل ساذج وبسيط أفقد البلد من فائدة ذلك، بل أن المياه الإقليمية يصاد فيها ما يكفي سكان البحرين و لكن حكومتنا لم تدرس ولم تقم بأي مشاريع حقيقية للمحافظة على هذه الثروة أو تطويرها وتطوير حق الاستفادة منها فلا قوانين لحماية البيئة والثروة البحرية للخليج أو للمياه الإقليمية بل على العكس من ذلك تذمر السياسة الخليفية الفاسدة البيئة البحرية ومزارع الربيان الطبيعية في خليج توبلي لسبب بسيط هو الكسب الشخصي لرئيس الوزراء و المتنفذين من حوله من عمليات الدفن وبيع الأراضي.

البترول:
لقد من الله على هذه الجزيرة الصغيرة وما يتبعها من مياه إقليمية بثروة نفطية جيدة إذا ما قيست إلى مساحة الجزيرة وعدد سكانها لكن السرقة المباشرة لعوائد هذه الثروة كما سبقت الإشارة وسوء الاستثمار للمتبقي حرم الجيل الحالي والأجيال القادمة من التمتع بنتائج هذه الثروة الإلهية.

إن النفط الموجود في باطن ارض البحرين وفي مياها ليس ملك لجيل أو جيلين من السكان بل هو ملك لكل الأجيال القادمة والتي يجب أن تتمتع بهذه الثروة بشكل من الأشكال غير المباشرة فالنفط الذي اكتشف في 32 وصدّر طوال هذه السنوات يجب أن يوفر ويخلق بدائل اقتصادية حقيقية للأجيال القادمة وهو ما لم تفكر فيه أسرة آل خليفة أبدا فما سمعنا أنهم انشئوا صندوق الأجيال القادمة في فترة الطفرة النفطية على غرار الكويت كما أنهم لم يخلقوا أي بدائل اقتصادية حقيقية من أموال النفط.

نعم هناك مستوى جيد من النجاح على مستوى الحركة البنكية والمصرفية ونجاح أقل على مستوى محاولة تسويق البحرين كمركز إقليمي للتدريب والمؤتمرات إلا أن هذه الأنشطة جميعا تحتاج بشكل أساسي إلى الأمن الحقيقي والثابت والذي لا يمكن أن يتحقق إلا بالتفاهم مع الشعب وإشراكه في الحياة السياسية واتخاذ القرار وفتح قنوات التعبير السلمي وقنوات الحوار وبتبادل الآراء بشكل عصري من خلال بناء المؤسسات الدستورية المدنية الحديثة والتي يأتي على رأسها المجلس الوطني المنتخب.

والخلاصة أن أسرة آل خليفة دمرت الاقتصاد البحريني التقليدي وأسرفت وبدرت في الثروات الطبيعية التي حبا بها الله هذه الجزر الوادعة ولم يعملوا أو يفكروا و يخططوا لخلق البدائل الاقتصادية الحقيقية إلا متأخرين وبذلك أضاعوا الفرصة الاقتصادية على شعب البحرين وسيعاني شعب البحرين من السنة والشيعة الكثير من العنت الاقتصادي لهذا التقصير وهذا الخلل الفادح وقد ظهرت البوادر السيئة في هذا الجيل وسيتضاعف مع مرور السنوات وما لم يتدارك الشعب نفسه ويعمل على تصحيح الأوضاع التي تدهورت ليحفظ لنفسه ولأبنائه القدر المتبقي من فرص البناء الاقتصادي الحديث قبل أن تفسده سياسات آل خليفة الخاطئة واللامبالية.

حول الفساد الإداري:
أينما توجهت في إدارات البلد تجد أشكال الفساد الإداري و تجد منح المميزات والأفضلية للذي يعرف سلوك الطرق الملتوية والذي يبيع دينه ويتخلى عن خلقه فيدفع الرشاوى للصغير والكبير هو الشخص الذي يحظى بالمناقصات والمشاريع الحكومية وفي ذلك ظلم كبير لباقي المنافسين, إن عدم تساوي الفرص للكسب المشروع أمام الجميع ظلم شديد يطال كل التجار والمواطنين.

و قد تم تدمير الجهاز الإداري وخلق بؤر الفساد والرشوة مما أضاع الكثير من الأموال وفرص التنمية فمن المعلوم الدور المهم الذي تلعبه الإدارة للوصول إلى النتائج الإيجابية حتى قيل لتوضيح أهمية الإدارة أن 1+1=3 في الإدارة الناجحة, ومشكلة البحرين ليست قله الكفاءات الإدارية ومحدودية المستوى التعليمي لأهل البحرين بل المشكلة تكمن في مركز صنع القرار السياسي الذي وظّف الوضع الإداري وكيّفه على حساب مصالح فئة محددة منتفعة من الأوضاع الغير السوية فهدر الأموال العامة في الرشاوى والسرقات وحرم المواطن السني والشيعي من الفرص المتساوية للكسب المشروع فأغلق أبواب الرزق والكسب على العامة وخصصها بشكل فعلي في طبقة وصولية طبقة من الذين تعلموا فن اللف والدوران وسلكوا طرق الرشوة وتجلببوا بالمحسوبية. ومن أجل معرفة حجم الأضرار التي تلحق بالاقتصاد الوطني وبالخدمات التي تقوم للمواطن نقدم المثال التالي: في سنة 1996 رصدت وزارة الطرق والأشغال العامة مبلغ وقدره 10 ملايين دينار بحريني لرصف وبناء الشوارع صرف منها عمليا حوالي الأربعة ملايين دينار وتسرب الباقي ألي جيوب الوزراء والمدراء و المتنفذين وعلى هذا تلحق الأضرار بالمواطن المسكين من جراء ذلك, وهذه النقطة لا تحتاج إلى مزيد من الكلام أو التوضيح فكل شخص في البحرين مكتوي بنارها وصادفته في حياته العملية الكثير من هذه القضايا.

المساعدات الخارجية:
تتلقى البحرين مساعدات مالية واقتصادية منتظمة من السعودية والكويت والإمارات تقدر بمئات الملايين لكنها وللأسف الشديد تتحول إلى الجيوب الخاصة لرئيس الوزراء أو ولي العهد مما دفع الحكومة الكويتية إلى إنشاء مؤسسة خاصة لإدارة الأموال, وبعد التحرير قررت الحكومة الكويتية إرسال مساعدات إلى شعب البحرين كنوع من رد الجميل على المواقف التي اتخذتها البحرين وشعبها أثناء محنة الاحتلال ولمعرفتها بأن المساعدات المالية سوف تتحول إلى جيب رئيس الوزراء الخاص طلبت تحديد مشاريع معينة تستثمر فيها هذه المساعدات مما اعتبره رئيس الوزراء قرارا موجها ضده من المسئولين الكويتيين، فبعث برسالة مباركة إلى صدام حسين بمناسبة عيد ميلاده هذا في الوقت الذي كانت المقاطعة ضد العراق قائمة وشاملة نكاية بحكومة الكويت التي رفضت أن تتحول أموالها إلي جيب رئيس الوزراء. وعندما طلبت البحرين في اجتماع لوزراء الخارجية في الرياض بزيادة المساعدات المالية لما تمر به البحرين من أزمة أمنية وسياسية وجهت من قبل بعض الدولة بصراحة تامة وقيل للوفد البحريني إن الأموال التي تعطى من حكومات الخليج تذهب إلى الجيوب الخاصة لأسرتكم يا شيخ إشارة إلى محمد بن مبارك آل خليفة وزير الخارجية.

فمن جانب يستولون على المساعدات المالية ومن جانب آخر يرفضون المشاريع الاستثمارية التي تعود بالخير على المواطن البحريني كما فعلوا مع العرض القطري بإنشاء جسر يربط البحرين وقطر تتكفل الحكومة القطرية تكلفة إنشائه وسيسهل الطريق إلى ما يقارب من عشرة آلاف مواطن بحريني في مشروع الغاز القطري لا لسبب عقلي بل استجابة إلى حالة نفسية من الغرور والتعالي على الحكومة القطرية لعداء تاريخي بين الأسرتين يدفع الشعب البحريني ثمنه, و تم إضاعة فرص حقيقية لرفع مستواه الاقتصادي, ولنفس الدوافع ولرغبة عند آل خليفة في التمتع بالحكم المطلق رفضت البحرين مشروع الاتحاد لإمارات الخليج سنة 1971 وبذلك حرمت الشعب البحريني من الانتماء إلى دولة عربية والتمتع بالمزايا الاقتصادية لهذا الاتحاد.

العمل في التجارة
لقد اتخذ آل خليفة منذ دخولهم إلى البحرين قرار عائليا بعدم العمل في التجارة أو الغوص أو الزراعة أو غيرها من الأعمال وذلك بسبب عقلية متعالية متغطرسة ولتوفر الثروة من خلال الاستيلاء على اغلب أراضى البحرين وعلى دخل الضرائب ومن ثم نسبة من دخل البترول هذا بالإضافة إلى تسخير السكان للعمل لهم ودفع ضريبة الرأس وضريبة صيد اللؤلؤ وغيرها.

و مع تنامي الأسرة ضاقت المصادر المالية التقليدية عن إشباع الطمع والنهم الشديدين الذين تميزت بهم الأسرة الحاكمة دون بقية أسر الخليج أو غيرهم من الحكام فسمحت لأفرادها الدخول في الأعمال المختلفة التي كانت تشكل مصدر رزق باقي أفراد الشعب. إن القرار الأول القاضي بعدم الدخول في الأعمال التجارية وان كان ينطلق من نظرة متعالية ومتكبرة إلا انه آثاره العملية كانت في صالح المواطن بشكل إجمالي أما قرار السماح لأفراد آل خليفة بالمشاركة في النشاط الاقتصادي والتجاري في البلاد الذي اتخذ بقرار عائلي في بداية السبعينات فقد جر الخراب والدمار على هذه الأنشطة فقبل دخول آل خليفة إلى هذا الميدان كانت هناك نسبة من الفرص المتساوية وكانت الحياة الاقتصادية والتجارية تسير وفق قانون الطبيعة والاحتياج العقلي والعملي للنشاط التجاري وما أن فتح باب المشاركة إلى أفراد الأسرة حتى انقلب هذا المجال رأسا على عقب فدخلت الرشوة وانتشر الفساد والمحسوبية وأصبحت من السمات والركائز الأساسية لهذا القطاع وفي خلال سنوات محدودة استطاع نفوذ آل خليفة إن يهيمن على مساحة واسعة من النشاط التجاري ابتداء من العقار والمراكز السياحية كالفنادق والشقق إلى الدخول في كل صغيرة وكبيرة من النشاط التجاري فهناك شركات المقاولات وشركات استقدام الأيدي العاملة وعشرات الوكالات التجارية بل وصل الأمر أن بيع الرمال وبيع الرويد والبقل في سوق الخضار وبيع السمك والربيان، وكل هذا التمدد التجاري لم يأتي من باب المنافسة الشريفة والعمل الحر بل اعتمادا على النفوذ والمحسوبية وسلطة الإرهاب والتخويف فأي تاجر يرفض بيع وكالته أو شركته أو يرفض المشاركة مع أحد شيوخ آل خليفة فان مصير تجارته وأعماله في خط من المضايقات والمنافسات غير الشريفة لهذه الطبقة الطفيلية المتنامية.

اعتقد أن التأمل في الأمثلة المحدد التي سقناها حول الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي سببتها سياسات آل خليفة غير المدروسة و غير العقلية والتي تتميز بضيق الأفق ومراعاة المصالح الشخصية الضيقة على الاقتصاد الوطني والحركة التجارية وفرص التنمية سوف يصل إلى حجم الضرر الذي سببه آل خليفة على وضع الناس المعيشي وسيعرف كل مواطن مدى الضرر الاقتصادي الشخصي العائد عليه من جراء تلك السياسات الخاطئة, وسيعرف السني انه غير مستفيد من الواقع الموجود إلا بدرجة الفتات وسيعلم الشيعي أن المستفيد الوحيد من هذه الأوضاع الشائنة هم المتنفذون من آل خليفة وحفنة من الوصوليين المحيطين حولهم و أن السنة مستضعفون منهوبون مسروقون مثله وان كان بدرجة أقل.

في المجال العمالي والوظيفي
كان آل خليفة يأخذون ضريبة على سفن الغوص بقدر الصيد الذي تتمكن منه السفينة وتأخذ ضريبة على المزارعين عبارة عن نسبة من غلاتهم يقدمونها كل سنة إلى بيت الشيخ بالإضافة إلى ضريبة الرقبة (الرقابية) أما المعدمين من الناس الذين لا يملكون شئ من ذلك فيسخرونهم للعمل بلا مقابل في مزارعهم وبساتينهم وباقي حاجياتهم (السخرة) هذا قبل سنة 1923. وبعد دخول الإصلاحات الإدارية في سنة 1923 تقلصت بعض أوجه الاستغلال لطاقات الآخرين- إنّ آل خليفة لا يأخذون فائض القيمة في عمل العامل بل يأخذون كل نتاج العامل- وهذا شئ لم يعجب آل خليفة ولم يرتاحوا له.

فما أن تنامت القوى العاملة الحديثة من خلال شركة النفط وبدأت ملامح مؤسسة عمالية قوية في الأربعينات والخمسينات حتى أضمر آل خليفة السوء تجاه هذه التكتلات العمالية وحاربوها منذ اللحظات الأولى ويمكن الرجوع في ذلك إلى الشكاوى والمطالب التي كان يقدمها عمال شركة بابكو في بداية الأربعينيات من اجل مساواتهم بإخوانهم العاملين في شركة أرامكو في السعودية ثم مع تعاملهم مع كل المطالب العمالية والتي كان أهمها تكوين نقابات عملية للدفاع عن حقوق العامل في البحرين ولقد كان لهذا المطلب وضوح كبير في حركة الهيئة 54-1956 كان هو المحور لانتفاضة الخامس من مارس سنة 1965 إلا أن شيئا من مطالب الحركة العمالية لمن يتحقق حتى الآن.

لقد فاجأتهم قوة الحركة العمالية في 54-1956 في حركة الهيئة والتي كانت تشل البلاد من خلال دعوتها للإضراب لمدة طويلة نسبيا وكذلك الحال مع حركة 5 مارس 1965 وبدل أن يستجيب آل خليفة لمطالب العمال العادلة وبدل أن يعملوا على التحسين من أوضاعهم الوظيفية لجئوا إلى إضعاف الحركة العمالية وذلك بمعاقبة القائمين عليها والتخطيط لتقليل نسبة العمالة الوطنية في سوق العمل الوطني وبذلك يحجمون هذه القوى التحررية ويضعفون دورها في المطالبة بحقوق العمال وحقوق المواطن الأخرى وهكذا عمل آل خليفة على تبني قرار سياسي بإغراق البلاد بالعمالة الأجنبية بدافع الهاجس الأمني أساسا لا بدافع الاحتياج الذي تتطلبه خطط التنمية, فانهالت الألوف من العمالة الآسيوية إلى سوق العمل البحريني الضيق وزادت عن الحاجة الاقتصادية الفعلية وهذا شيء طبيعي لأنها تنطلق منها وللحق فلقد نجح آل خليفة في ضرب الحركة العمالية من خلال هذه السياسة ضربة موجعة. إن هذا النجاح في الحرب ضد الحركة العمالية أتى على حساب المصالح الاقتصادية لأهل البحرين سنة وشيعة, فالأضرار التي تسببها زيادة العمالة الأجنبية عن الحاجة الحقيقية لسوق العمل يدفع ثمنها كل الشعب, نعم أن البطالة تكاد تكون منحصرة في الشيعة لكن الحد من مستوى المرتبات وهروب العملة الصعبة من خلال تحويلات هذه العملة المتضخمة والجرائم المنتشرة في البحرين وتغير أوجهه لمن الضرر الذي تساهم فيه العمالة الأجنبية.

حق التنظيم النقابي:
لقد تميز شعب البحرين بوعي مبكر نسبيا قياسا بينه وبين شعوب المنطقة وشعوب العالم الثالث, و كان الوعي العمالي احد هذه الأوجه ولذا فان المتتبع يجد حركة عمالية ومطالب عمالية واضحة منذ الأربعينات و التي تمحورت حول الرغبة العمالية في الحصول على التنظيم النقابي للعمال أسوة ببقية بلدان العالم المتحضر أو السائرة على درب التحضر.
لقد كان الهدف الأساسي من هذه المطالب هي حماية العامل البحريني السني والشيعي من طمع رؤوس الأموال والعمل على تحسين ظروف عمله في الجوانب الصحية وسلامة العامل، وحقوقه المالية له ولأسرته في حصوله على ظمانات له و لأسرته من خلال برامج الضمان الاجتماعي وغيرها من برامج الخدمة المدنية التي يستحقها العامل ولو تحقق ذلك في وقت مبكر لما وجدنا الكثير من كبار السن وهم يعانون العوز والفاقة هم و أسرهم لان الضمان الذي يتلقونه لا يسد الرمق لهم و لأسرهم هذا بعد أن أفنوا شبابهم وزهرة عمرهم في خدمة شركات معينة, أو بعد أن أدوا خدمتهم في القطاع العام، وبذلك لحق ضرر وظلم بهؤلاء العمال من السنة و الشيعة, هذا غير الأضرار الجسدية التي لحقت بالعديد منهم لفقد مراكز عملهم برامج السلامة الدنيا.
إن المنع من حق التنظيم العمالي ومحاربة ذلك من قبل الدولة سبب الكثير من الأضرار المالية والاجتماعية على العمال و أسرهم طوال الخمسين سنة الماضية.

الحد الأدنى من الأجور:
وهو إجراء تهدف من خلاله الحكومات والسلطات توفير الحماية للعامل من استغلال جشع رؤوس الأموال وتمنع بذلك جزء من سرقة جهد العامل البسيط, و هذا إجراء معمول به في الكثير من دول العالم القائمة على المؤسسات والتخطيط الاقتصادي السلمي, لكن في البحرين هناك أولويات أهم من رعاية ذلك عند السلطة القائمة و إذا ما تعارضت هذه الأمور العائدة مصلحتها إلى الشعب مع تلك الأولويات الحكومية فان النتيجة تكون في المحاربة والتعطيل لمصالح المواطن وهو الخاسر, وفي مثل هذه الأمور تحديدا الحد الأدنى للأجور تتعارض مصلحة المستفيدين من "الفري ويزه" مع إجراء من هذا القبيل، كما أن المصالح المشتركة لبعض المتنفذين والمحسوبية في المواقف و القرارات الحكومية تلعب باتجاه عدم الأخذ بهذا الإجراء الذي حاولت اللجنة العمالية الحصول عليه لمدة سنوات.
إن تحديد الحد الأدنى للأجور يحتوي على بعض التحديات والمخاطر التي قد تقلل الفرصة التنافسية لبعض الأنشطة التجارية لكن ذلك لا يمنع من البحث في الوسائل المناسبة للتغلب على ذلك و ألا يبقى العامل الفقير هو الذي يدفع ثمن ذلك وحده, إن عدم الأخذ بفكرة الحد الأدنى أدّى إلى تدني دخل الفرد البحريني ودخل الأسرة بشكل كبير خصوصا في قضايا العمال والمواطنين الجدد الذي تتوقف فيه رواتبهم في مستوى لا يكفي إلى سداد الضرائب الرئيسية التي تفرضها الدولة على خدمات الكهرباء والماء والهاتف والبلدية و الإسكان وغيرها من باقي الوزارات والخدمات ولذلك لا تجد عامل أو موظف في بلدنا إلا وعليه ديون متجددة يجب سدادها.
حماية العامل والموظف:
تعمل الدول على حماية مصالح مواطنيها التجارية والسياسية وغيرها، و لا تتردد دولة في مكانة الولايات المتحدة أو اليابان من الدخول في حرب تجارية من أجل حماية هذه المصالح, لكن أفراد الحكومة و أصحاب القرار في البحرين في واد آخر عن هذه المسائل وكل ما يفكرون فيه استحداث طرق جديدة لزيادة الثروة, ومن هذا المنطلق ولغياب الحس الوطني استجلبت هذه الفئة من المتنفذين حوالي 60 ألف عامل من " الفري ويزه", وفي مقال للكاتبة ذات التبعية الحكومية الظالمة سوسن الشاعر ذكرت فيه أنها سألت السفارة الهندية عن عدد رعاياها العاملين في دولة البحرين فتلقت الجواب بان هناك ما يقارب من (120.000) ألف عامل وعند سؤالها عن عدد العاملين الهنود المسجلين في وزارة العمل تبين أن العدد هو 60 ألف مما يعني أن هناك حوالي60 ألف عامل هندي في البحرين يعملون وينافسون أبناء البلاد تحت مظلة "الفري ويزة " ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن " سمو رئيس الوزراء" وحده استجلب أكثر من 15 ألف عامل بهذه الطريقة، ليضيف إلى رصيده -وهو الأول في البحرين -ألوف الدنانير شهريا من جهد وعرق هؤلاء العمال وعلى حساب اقتصاد البلاد وعلى حساب مصالح المواطنين من السنة والشيعة, ثم تأتي الطبقة المحيطة "بسموه" كرقم ثاني في هذه المسألة, ولذا عندما فتح ملف هذه القضية في مجلس الشورى تلقوا أعضائه الأوامر بإغلاق هذا الملف و إلا تم طردهم... ((مسكين يا مجلس الشورى)).

ضوابط الحصول على الوظيفة والترقية:
في بلاد القانون والمؤسسات هناك ضوابط للحصول على الوظيفة وضوابط لرقي السلم الوظيفي لكن في بلادنا البحرين تختلف الضوابط كليا عن بقية دول العالم السوية ففي الوقت التي تتقلص أهمية الكفاءة والاستحقاق للحصول على الوظيفة والترقية تتصاعد ضوابط جديدة وخاصة منها "الولاء" ويقصد منه هنا ولاء العبد للسيد لا ولاء المحكوم لحكومته على أساس المشورة والتضحية والعمل من أجل الصالح العام فالولاء الذي يقصده رئيس الوزراء هو ولاء للفساد القائم, ولاء للانحراف عن خط الدين والعادات والتقاليد والثقافة العربية, ولاء الموافقة على السرقة والاستئثار, ولاء الموافقة على تفضيل الأجانب و المجنسين الجدد على أهل البحرين من السنة والشيعة, إن هذا الولاء هو ولاء العار والعيب ولاء التخلف والرجعية وهو ولاء لا يليق بأي حر يقبله ولا يليق بأي عاقل في القرن العشرين أن يطالب به، ولكن لا حياة لم تنادي.ثم تجد "الولاء " النسب والمحسوبية فإذا كنت من أسرة غير مرضية عند ال خليفة سواء كنت من السنة أو من الشيعة فان الكثير من العقاب سيظل قائم في طريقك للحصول على الوظيفة وللحصول على الترقية المتناسبة مع كفاءتك, ولا يظن أحد انه مستفيد من هذه الظوابط فمراجعة بسيطة إلى أم المناصب في البلاد ستجد إن أكثر من 50% منها قد استحوذ عليها آل خليفة أنفسهم, و أن ما ترك للآخرين لن يكفي باقي الوصوليين والطفيليين و إذا استطاع أحد أن يستنفع اليوم فان إمكانية استمرار هذا النفع الطفيلي محدودة وقد بدأت البلاد تعيش حالة من الضيق فما بالك بمستقبل أبناءنا في ظل مثل هذا الوضع.
ومن غريب الوضع إن يكون عنصر (الأجنبية) أي كونك غير مواطن من العناصر الايجابية في حصولك على الوظيفة المناسبة والراتب الكبير على خلاف مقاييس العمل في كل بلدان الأرض.

في مجال حقوق المواطن
إنّ للمواطنة حقوق ثابتة بغض النظر عن لون هذا المواطن ودينه ومذهبه وقبيلته و أيدلوجيته وعلى هذا الأساس صدرت شرعة حقوق المواطن واستقت منها دساتير و أنظمة العالم وقوانينها ولوائحها ومنها الدستور البحريني, و نذكر هنا بعض الملاحظات في هذا المجال.
حق المشاركة في القرار:
من الحقوق البديهية والمسلمة في عالم اليوم وفي المنطق السوي حق الإنسان في المشاركة في اتخاذ القرارات ورسم الخطط والبرامج التي تؤثر على واقع ومستقبل حياته الشخصية وحياة أمته, وان هذا الظلم الواقع على الأمة بحرمانها من هذا الحق العقلي الواضح من أكبر الظلامات و أشدها سوادا، و إذا تأمل الإنسان في ذلك لدقائق معدودات سيصاب بالإرهاق الفكري لتصوره لهذا الواقع الظالم والمجحف بحق كل الامه، إذ كيف تتصور إن تقوم مجموعة معدودة من الناس لا يتميزون بأي ميزة فكرية أو علمية أو غيرها من الأمور اللازمة لقيادة الدول والشعوب بالتحكم والسيطرة على مقدرات الأمة والتصرف فيها كيفما شاءوا دون اعتبار حقيقي إلى آراء الشعب والى كفاءاته العلمية والمهنية، وهم بهذا التعامل يعاملون الأمة كقطيع من الماشية يسيره الراعي كيفما يشاء دون الاعتبار لمشيئة هذه الأغنام والدواب. وكفى بهذا موبقة للنظام وكفى بهذا ذلة لباقي الشعب من السنة والشيعة لا يدفعها إلى التحرك والتضحية من اجل تغيير هذا الواقع المخزي.
لقد اعتمدت الدكتاتوريات على مر التاريخ على فلسفات واهية لتبرير احتكارها للسلطة وحرمان الآخرين كالحق الإلهي في الحكم وكحق الأسرة والسلالة في القرون الغابرة وفي القرون المتأخرة تنامت فلسفة المجموعة الطليعية والريادية التي تقود الأمة ولو بالقهر إلى تطورها المأمول على مختلف الأصعدة ونشأت على ضوئها الدول الشمولية و تحورت في شكل سياسي عبرت عنه بوضوح دولة الحزب الواحد. وقد حاولت مختلف هذه الصور التلبس بالدين عندما ترى احتياجا لذلك فتوظف الأحاديث والمفاهيم الدينية من أجل تبرير وصولها إلى السلطة واحتكارها لها, إلا أن أقبح الفلسفات في نظري هي فلسفة الحق الإلهي في الحكم المنحصر في شخص بعينه أو أسرة بعينها اعتمادا على جدلية كاذبة تتمحور حول ادعاء أن الله تعالى خص هذه الأسرة بالحكم والسيطرة على القرار وان باقي الأسرة أو التشكيلات أو الأمة بأسرها عليها التسليم و الرضى بذلك ولا يجوز لها العمل على تغيير هذه الرغبة الإلهية ويزداد الوضع قبحا إذا صاحب هذه الدعوة منطق الغاب في واقعه العملي للوصول إلى السلطة وفي الاحتفاظ بها وهذا ما ينطبق بشكل كبير جدا على حكم أسرة آل خليفة للبحرين, فالحكم المطلق من حق أسرة آل خليفة فرع سلمان فقط وليس له من منطلق شرعي سوى دعوة الحق الإلهي، والوصول إليه عمليا ثم عن طريق الغارات والقهر " الفتح" والمحافظة عليه من خلال التسلط و الأجهزة البوليسية وهو يتغذى من أجل إن يستمر على أشلاء المواطنين ودمائهم. و من الملاحظ تاريخيا إن كلما ضاقت دائرة القرار واستفراد فرد أو أفراد محددين من أسرة معينة كلما كانت الأضرار العائدة على باقي أفراد الأمة أكبر.

حرية التعبير عن الرأي:
" حرية الرأي والبحث العلمي وحق التعبير عن الرأي وحق نشره بالقول أو الكتابة وغيرها" دستور دولة البحرين مادة 23 هذا النص الجميل من الدستور البحريني وهو تأكيد للمادة التاسعة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي كفل لكل فرد حق التعبير عن رأيه ومنع معاقبته على مجرد إبداء الرأي, أما في بلادنا فالناس يحاكمون ويحاسبون على ما في نيتهم قبل أن يعبروا عنه فكثيرا من الناس عوقبوا وحرموا من وظائفهم لأنهم وقعوا ورقة مهذبة تخاطب "الأمير" من أجل النظر في قضية معنية فهذا سعيد العسبول يفصل من وزارة الكهرباء لأنه وقع على العريضة الشعبية العامة, وهذه الدكتورة منيرة فخرو و الآنسة حصة الخميري وعزيزة البسام يفصلون من عملهم لمجرد توقيعهم إلى نداء موجه إلى أمير البلاد, وقد حرم الدكتور الشيخ عبد اللطيف المحمود من وظيفته في الجامع سنة1991 لمجرد إلقائه محاضرة في الكويت عن الديمقراطية ومستقبل المنطقة. ولا يخفى كيف يعامل خطباء المساجد من علماء السنة الأجلاء وكيف يجبرون على تقديم خطبهم قبل إلقاءها وقد منعت الدولة عدة محاضرات وندوات فكرية تنفيذا لسياسة الطوق الحديدي على الفكر وحريته وفي سنة 1996 اعتقلت السلطات الكاتب يوسف حسن لوجود عبارات لا ترضى عنها السلطة في كتابه الثاني " إشارات" كما منع الدكتور تقي الزيرة من الاستمرار في كتابه عموده في جريدة أخبار الخليج الحكومية لأنه ذكر بعض حقائق الفساد في أحد الوزارات الرسمية, و قد تلقى العديد من كتاب الأعمدة التوبيخ والعقاب لمجرد تعبيرهم عن بعض ما يعتقدون به, وهذه الأمثلة نذر يسير على ما يجري.
إنّ هذه الصور من كبت حرية التعبير من المظاهر التي تؤكد على سلب كرامة الإنسان الشيعي والسني في وطننا فما قيمة الإنسان و أين كرامته و إنسانيته إذا حرم من هذا المستوى البسيط في أن يعبر عما يعتقد وعما يختلج في داخله من رؤى و أفكار، إنّ هذا القمع الفكري يذهب رونق الحياة وحلاوتها إذ يحول المفكرين والكتاب وباقي الناس إلى مجرد أجساد خاوية وحناجر تردد ما ترغب به السلطة و إلا تلقت العقاب والحرمان, ولقد عبر العاملون في الإذاعة الروسية و التي تبث بـ 35 لغة عالمية ويتقاضون رواتب مغرية في عهد الاتحاد السوفيتي المنقي عن فرحتهم وسعادتهم بالوضع الجديد الذي انخفضت فيه رواتبهم إلى اقل مما يسد الرمق لكنهم تمتعوا بالحرية في إبداء الرأي والتعبير عن وجهة النظر دون خوف الرقيب، ودون عصى العقاب، إن قيمة الإنسان الحقيقة في ما يمتلكه من رؤى و أفكار و إذا سلب حق التعبير عنها بهذه القسوة المتعامل معها في بلدنا فماذا يتبقى من الإنسان غير اللحم والدم وهل هذه هي الحياة التي يتطلع إليها أبناء البحرين العزيزة من السنة والشيعة؟ هل الحياة المأمولة لشعبنا حيث الخوف من إبداء الرأي حتى لو كانت عن الأسباب الحقيقية لتدني مستوى الرياضة البحرينية وتراجع نتائجها.

حرية الصحافة:
تسمى الصحافة ومؤسسات النشر و الأعلام السلطة الرابعة لتدليل على الدور الهام والفاعل التي تساهم به الصحافة و وسائل الإعلام الأخرى كمؤسسات مدنية حديثه، فبعد السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية تأتي سلطة الصحافة بل لعلها تتقدم على بعض السلطات عمليا في بعض الجوانب فالصحافة الحرة تشكل أهم رقيب شعبي يحارب الفساد الإداري والمحسوبية في دولة القانون والمؤسسات وكم سمعنا عن وزراء و مسئولين كبار في العالم المتحضر سياسيا والقائم على المؤسسات أزيحوا من مناصبهم وذهبوا إلى المحاكم من جراء التحقيقات الصحفية وكم أثرت الصحافة في رسم الموقف العام من القضايا الرئيسية والمصيرية في هذه البلدان، ومن هذا وذاك نعرف فضل الصحافة في تنوير الرأي العام وخدمة الحقيقة وتصحيح الاعوجاج الإداري ومحافظتها على المال العام وباقي مصالح المجتمع.
أين المؤسسة الإعلامية في البحرين من هذه الآفاق و أين مساحة الحرية المفتوحة لكتابنا المخلصين, إن أفضل ما يعبر عن الصحف الصادرة في البحرين في وسائل الأعلام " بشبه الرسمية" وأحسب أن هذا الوصف تحقيق وتجميل لواقع قبيح من الهيمنة الحكومية شبه المطلقة على توجهات الصحيفة والمطبوعة الرئيسية بل تدخل في صغريات الأمور أحيانا مع عشرات الخطوط الحمراء المحلية و الإقليمية, وفي النهاية لا يبقى أمام الكتاب وهذه الصحافة سوى الانسجام في الجوقة الحكومية وان رغب أحد في الخروج عن هذا الجو السلبي فان الكوابح والموانع عديدة ومتنوعة وكفيلة بالتغلب على هذا النشاز والتمرد.
لا مجال لقياس صحافة البحرين و أعلامها بأي دولة من دول العالم حتى الخليجية منها, و للأسف الشديد أن هذه الصورة القائمة تأتي بعد أكثر من خمسين عام على بدء الصحافة الحرة في البحرين برائد الصحافة الخليجية عبد الله الزايد فرحم الله أيام زمان, و وا أسفاه على بلدنا التي تسير فيها الأمور من سيئ إلى أسوء على عكس حركة التاريخ وحركة الشعوب.

حق الاجتماع:
و هو من الحقوق المدنية للأفراد والجامعات في الدول التي تحترم الرأي العام وتقدر مواطنيها وتحترم رغباتهم و آرائهم لكن في بلدنا يعتبر اجتماع أكثر من اثنين لمناقشة القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية جريمة ما لم تكن بإجازة من وزارة الداخلية, وكل الاجتماعات في بلدنا مشبوهة ومثيرة للأجهزة الأمنية حتى الديوانيات التي تعقد في بيوت المنامة أو المحرق أو الدراز متهمة وتحتاج إلى التنصت عليها وتسجيل ذلك كنقطة سلبية على هؤلاء المجتمعين (المخربين المتمردين ) حتى يثبت عكس ذلك وهو في الأعم الأغلب لا يثبت.
إنّ هذه الإجراءات جعلت من مجرد التفكير في التجمع والاحتجاج عند إخواننا السنة أو الشيعة إلى نهاية 1994 أمر في غاية المخاطرة والمجازفة وهو شبيه بالدخول في حرب لأي تجمع سلمي كأحد وسائل التعبير الحضارية المطبقة في كل دول العالم حتى لو كان الأمر للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني أو قضية القدس أو الأسرى الكويتيين فالتجمع بكل أشكاله محرم في بلدنا.

حق مخاطبة السلطات:
هي المادة التي اعتمدت عليها فكرة العريضة النخبوية في سنة 1992 والعريضة الشعبية سنة 1994 لكن الأمير و أسرة آل خليفة لا تعترف بهذا الحق للمواطنين أسوة بباقي الحقوق المهدورة فالعقلية الحاكمة تأبى أن تستمع لأحد يتكلم من موقع المواطنة التي ينظمها الدستور والقانون ويعطيها حقوقا على الحاكم كما فرض عليها واجبات تجاهه. و لذا لم يرحب الأمير بوفد العريضة في سنة 1992 واستقبله استقبال باهت و متعالي, ثم رفض لأكثر من مرة استقبال وفد العريضة الشعبية وهددهم بالاعتقال إن وجدهم حول قصر الأمير كما رفض الأمير ورئيس الوزراء الاستماع إلى خطابات و نداءات المواطنين المخلصين لوطنهم على مدى أكثر من عامين من تفجر الأوضاع السياسية و الأمنية.
نعم إن تقبيل الأنوف و الأيدي وتقديم الولاء المطلق للفساد والانحراف ومباركة سرقة المال العام هي اللغة الوحيدة التي يرغب آل خليفة في سماعها، أنهم يرغبون في رؤية التضرع و الذلة في الطرف الآخر الذي يحدثهم، وهم بذلك يذلون شعبهم ويذلون ويصغرون من أنفسهم فما قيمة شعب بهذا المستوى من الحرية و ما قيمة الولاء الذي يقدم من العبيد والخدم المغلوبين على أمرهم والمضطرين إلى ذلك, إنّ كل القيمة هي في الولاء الحر الصادق القائم على خدمة الوطن والمواطن دون خوف أو وجل وهذا ما لن يتحقق بهذه السياسة الخليفية.

حق المواطن في الجنسية:
إننا عندما نتكلم عن الحقوق في هذا المقطع من المقال لا نقصد بها حقوق المغلوبين على أمرهم المسلمين بالواقع القائم لاعتقاد منهم انه لا يمكن تغيره، والذين يتجنبون أي موقف يمكن ألا يكون محل رضا السلطة فقط بل حقوق المعارضة المطالبين بالتغيير للأفضل أيضا فالجميع مواطنون ويجب أن يتمتعوا بحقوق المواطن بغض النظر عن نظرهم وتصرفهم حيال الواقع القائم.
إنّ حق الحصول على الجنسية من أبسط الأمور بديهة في الدول العصرية ولا توجد أي مشكلة من هذا النوع سوى قلة من في الدول الدكتاتورية والرجعية لا تتعدى أصابع اليد الواحدة في نهاية التسعينات والبحرين للأسف احدها, يوجد الألوف من المواطنين من أصول فارسية من السنة والشيعة توافدوا إلى البحرين في العقود الأولى لهذا القرن وهذه الهجرات السكانية بين ضفتي الخليج لم تتوقف طوال التاريخ إلا مع ظهور الدولة الحديثة, والمعاملة المناسبة لمثل هذه الجماعة هي وجود قانون واضح يحدد وضعهم القانوني هم و أبناؤهم علما بان المشكلة الحالية تكاد تكون منحصرة في الأبناء الذين ولدوا وتربوا في البحرين طوال عمرهم بل إنّ الكثير من آبائهم ولدوا وتربوا في أرض البحرين الغالية.
لكن الواقع المعاش جعل من هؤلاء المواطنين أقسام متفرقة فالبعض حصل على الجنسية وحق الترشيح للمجلس التأسيسي والوطني والرقي في الإدارات والمناصب العامة والبعض الآخر حرم حتى من وثائق السفر والملكية فضلا عن الجنسية البحرينية. وقد تجد الأمر نفسه في بيت واحد وبين إخوان من أم وأب فأحدهم موظف مسؤول في أحد الوزارات و الآخر محروم من الجنسية وما ذلك إلا لغياب القانون وسيادة المحسوبية و الوساطة والرشوة على أجهزتنا الرسمية.
إنّ هذه المشكلة الإنسانية والوطنية وان تركزت في العجم الشيعة إلا أن الكثير من العجم السنة لم يجنسوا حتى سنة 1995 وذلك بفعل ضغوط الانتفاضة على النظام فحاول كسب بعض العلقة الوطنية من خلال إعطائهم بعض حقوقهم القانونية أو الاقتصادية و إننا لنفرح لذلك ولانتهاء مستوى من المعانات لشريحة من مجتمعنا الصغير, لكن المشكلة لم تنتهي بالنسبة للسنة عند هذا الحد فلازال هؤلاء المواطنين من السنة ينظر إليهم بشكل إجمالي على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية وان الجواز الذي أعطي لهم هو منة ومكرمة من آل خليفة وليس حق وإنّ من حق آل خليفة سحبه في الوقت الذي يريدون دون التقيد بأي قانون، وكفى بذلك الشعور بالضعة والمهانة عند هؤلاء المواطنين من السنة والشيعة وكفى به رادعا للتحرر ضد رغبات الدولة ومشاركة باقي المواطنين هموم المجمتع الكبير.
لقد عمدت هذه السياسة و أشباهها على التفريق بين أبناء الوطن بدل أن تعمل الحكومة على توحيدهم وبدل أن تخطط لصهر كل هذه الفروق في القالب الوطني الواحد من اجل صيانة الوحدة الوطنية الغالية ومن أجل منع الهزات الاجتماعية المستقبلية, لكن الجهل وضيق الأفق يوقع بصاحبه في المطبات تلو المطبات والمصيبة الكبرى أن يكون صاحب هذا الأفق هو الذي يتحكم في واقع الناس ومستقبل أبناءهم.
ومن الغريب أن يحرم ابن البحرين السني والشيعي من الجنسية وحقوق المواطنة بينما يتمتع بها البدوي في الصحراء السورية و الأردنية بمجرد أن تطأ قدماه البحرين ليصادر فرص العمل على المواطنين ويتقدم على المواطنين من السنة والشيعة الأصليين في خدمات الإسكان والقروض وغيرهم من خدمات الدولة, فلقد حرم المواطنون من بيوت الإسكان في مدينة حمد من أجل السكان الجدد وقد صرح ولي العهد بأنّ المدينة المزمع إنشائها بأموال الشيخ زايد بن سلطان هي لمن يقدمون الولاء فقط و يأتي على رأس القائمة الأخوة العرب المجنسون حديثا فهنيئا لباقي الشعب من السنة والشيعة!!!!.

حق المواطن في السفر من البحرين والعودة إليها متى شاء:
" يحضر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها" دستور دولة البحرين 1973

إذا كانت مسألة الحرمان من الجنسية مقتصرة على المواطنين من الأصول الفارسية فان حق المواطن في السفر من البحرين والعودة إليها حق منتهك لكل شرائح المجتمع و أعراقه فسياسة حرمان المواطن من وثائق السفر عن طريق حجزها في وزارة الداخلية سياسة مطبقة ضد كل شخص مغضوب عليه من السلطات سواء كان من السنة أو من الشيعة نعم إنّ الشيعة أكثر المتضررين من هذا الإجراء و أعداهم بالمئات و لكن احمد الشملان وعبد اللطيف المحمود وغيرهم أمثلة على السنة الذين طبقت في حقهم هذه العقوبة كما ن عقوبة المنع من العودة طبقت في حق عبد الرحمن النعيمي وعبد الله راشد واحمد الذوادي وعشرات غيرهم من السنة كما طبقت على المئات من الشيعة في السنوات العشرين الأخيرة و قد قضى عبد الرحمن النعيمي على سبيل المثال ما يقارب 28 سنة خارج وطنه ولم تشفع له سنيته عند آل خليفة.
ومن غريب الأمر وعجيبة إن إجراء المنع من العودة لا يقتصر على الذكور البالغين بل يشمل النساء و الأطفال حتى الرضع منهم في سياسة تعكس مفهوم " العقوبة شخصية" والذي تنص عليه كل قوانين العالم ابتداء من قانون حمورابي قبل آلاف السنين.

حق المواطن في المسكن الملائم له و لأسرته:
لقد استولت الدولة على جميع الموارد الطبيعية من نفط وغاز وغيرها وفرضت الضرائب على المستفيدين من موانئ البحرين ومطارها كما فرضت الضرائب المختلفة وهي بذلك تقترب من نموذج الدولة الشمولية وبالتالي لا بد لها أن تقوم بأداء الخدمات الأساسية والضرورية للمواطن المالك لهذه الثروات في حقيقة الأمر بعد ملكية الله المطلقة لها و أداء هذه الأمور واجب عليها لا منّه ولا فضل لها، فالبنية التحيتة والتعليم والصحة و الإسكان وغيرها من الخدمات واجب على الدولة تجاه المواطنين لأنّ الثروة التي استولت عليها الدولة واحتكرت مواردها و استثماراتها هي ملك للمواطن وبالتالي فلا مجال للدولة للتباهي والفخر بأنها بنت شيئا من البنية التحتية أو قدمت الخدمات في مجال التعليم أو الصحة أو الإسكان للمواطن لأنها قبل ذلك استولت على كل الموارد الطبيعية وكل مصادر الدخل العام.
والملاحظ أن هذه الخدمات في أرضنا البحرين هي دون المستوى الذي حبانا الله به من ثروة، ثم إنّ ثروتنا تقصر عن باقي دول الخليج لكنها كافية وزيادة لتقديم كل الخدمات المناسبة لدولة الرفاه وذلك لمحدودية عدد السكان إذا ما قيس بالثروة الموجودة, لكن السرقات والتبذير وسوء الإدارة وغياب التخطيط المستقبلي أهدر أكثر من نصف هذه الثروة ولذ فان البنية التحتية لم تنجز في هذا البلد الصغير حتى الآن فالكثير من المناطق محرومة من الماء الصالح للشرب وتفتقد على المجاري العامة بل حتى الطرق المرصوفة غير متوفرة في العديد من المناطق و إذا توفرت فإنها غالبا ما تكون سيئة من جراء الحفر و السفلته المتكررة.
أما قطاع الكهرباء فهو يعاني من أزمات حقيقية خصوصا في فصل الصيف, ولولا المساعدات الخليجية التي أشرفت الكويت على تحويلها إلى مشاريع تعليمية لكان واقع التعليم يعاني من مشاكل عدم توفر المدارس والفصول الدراسية إلى حد أكبر بكثير من المعانات الحالية, ولما كانت جامعة الصخير.
أما القطاع الإسكاني فقد عاني من سوء التخطيط أولا وذلك بعدم تحمل إدارة الإسكان لمسؤوليتها في التخطيط لبناء المدن والقرى ولتطويرها وتركت الأمر يسير بشكل عشوائي بعيد عن التخطيط الضروري اللازم للبناء في الزمن الحاضر فنتج من ذلك فوضى عماراتية دفع ضريبتها المواطن الذي اضطر للعيش في مدن وقرى في بيوت صغيرة متراكبة على بعضها البعض بشكل عشوائي فاقدة إلى الطرقات المناسبة والى مواقف السيارات وتكاد تخلوا من الحدائق و الأماكن المخصصة للعب الأطفال و دواعيس المحرق والمنامة شاهدة على هذا التخطيط العمراني.
وفي الجانب الآخر احتكر آل خليفة جميع أراضي البحرين تقريبا وتصرفوا فيها على أساس الملك الخاص وحرم المواطن من حقه في امتلاك قطعة ارض مناسبة لسكنه، واضطر للانتظار لسنوات في طوابير وزارة الإسكان من أجل الحصول على قرض الإسكان أو أرض الإسكان والى سنوات أطول من أجل الحصول على منزل من هذه الوزارة وكأننا شعب فيه عشرات الملايين لا 350 ألف مواطن حسب إحصائيات التسعينات.
و تأتي سياسة تجنيس الأجانب لتزيد الطين بله فبعد انتظار دام لسنوات من أجل الحصول على إحدى خدمات وزارة الإسكان تتوجه هذه الوزارة بخدماتها أولا إلى المجنسين الجدد فلهم القروض والمنازل في مدينة حمد وغيرها دون الحاجة إلى الانتظار إلى أشهر فضلا عن سنوات كما هو حال المواطن. وما أن تنفس الناس الصعداء عند الإعلان عن المساعدات المالية الإماراتية لبناء مساكن لشعب البحرين حتى أعلن "ولي العهد" عن حجز هذه المساكن إلى " المخلصين" من المجنسين الجدد.

حق المواطن في التقاضي أمام محكمة عادلة وقضاة مستقلين:
احد الضمانات التي يقدمها الإسلام والفكر السياسي الحديث من وجور السلطة التنفيذية وخطأ السلطة التشريعية و أشباهها وجود قضاء مستقل تكون من وظائفه الأساسية حماية المتضرر من ذلك، ويكون ذلك من مصادر الأمن و الطمأنينة للمواطن وللساكن في هذه الدولة, لكن والحال في بلدنا هو تبعية السلطة القضائية تبعية تامة للسلطة التنفيذية فالقضاة موظفون يعيّنون من قبل وزير العدل لا من قبل " مجلس القضاء الأعلى" حسب الدستور والقانون ويعزلون بأمر وزير العدل في أي لحظة ودون أدنى حصانة لموقعهم المهم والحساس من رغبات السلطة التنفيذية, وبعد أن تنتهي من مرحلة التوظيف تتابعهم السلطة التنفيذية وتمارس ضغوطها عليهم أثناء أداء عملهم وكثير ما نقلتهم السلطة التنفيذية من مكاتبهم ومحاكمهم في وزارة العدل وجعلهم يمارسون عملهم مكرهين عليه في أروقة السجون والمعتقلات و كأنهم سجانين لا قضاة، وهذا ما يحدث بشكل يومي لقاضي التحقيق سعد الشملان وغيره.
إن غياب المؤسسات الحديثة والقضاء المستقل يحرم المواطنين من حق التظلم والدفاع عن أنفسهم أمام جور السلطة التنفيذية وحيف المتنفذين من أفراد آل خليفة وحساسيتهم, وكم من التجار والوجهاء والمواطنين سرقت حقوقهم المختلفة دون وجود أدنى فرصة حقيقة للتظلم أو المطالبة فهل يجرئ أحد من المواطنين مهما علا شأنه أن يقاضي رئيس الوزراء أو حتى طفل من أطفال آل خليفة, ولذا يضطر المواطنون للسكوت على هذه الجرائم خوفا من جرائم أكبر سترتكب في حقهم إذا ما طالبوا بحقوقهم عن طريق القضاء.
و المجتمع الخالي من سلطة قضاء مستقلة ومحاكمات عادلة لا يسأل عن العدالة فيه لأنه قضي عليها من جذورها بالإخلال بأهم مؤسسة مسئولة عن تحقيقها.

في المجال البيئي
عندما تتحدث للإنسان المضطهد المحروم من أبسط الحقوق الإنسانية الذي يتهدد في حقه في الحياة وحقه في اعتناق العقيدة التي يريد والذي يوضع جسده تحت السياط ويعاقب بشتى صنوف العقاب الاقتصادي من سرقة ماله العام إلى حرمانه من الوظيفة المناسبة له عن الأضرار المباشرة وغير المباشرة العائدة من تدمير البيئة التي يعيش فيها تجده غير مكترث وغير مبالي بهذا الحديث و لا يأخذه مأخذ الجد ويعتبره نوع من الترف الحضاري، وهذا شيء طبيعي فكلما حرم الإنسان من الأوليات والضروريات أصبحت الحاجات التي تأتي بعدها ثانوية وهامشية في نظره. إن الوصول بالإنسان تحت الضغط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني إلى حالة عدم الاهتمام بما يجري لحقوقه الأدبية ولما يجري في بيئته جريمة في حد ذاتها.
لكن الأمر يختلف كليا في البلدان التي يتمتع فيها المواطن بمستوى من الإنسانية في الجوانب المختلفة وتظهر الاهتمامات الأخرى و تأخذ حيزها الطبيعي من وعي وبرامج المجتمع وهذا يدل على أحد أوجه التمدن والتقدم الإنساني ولا يعتبر ذلك ترف غير صحي عن النظرة الشاملة والسوية للحياة ولفكرة الاستخلاف في الأرض. الأرض الجميلة النقية الصالحة تماما لحياة الإنسان عليها دون إلحاق الضرر بالبيئة المحلية أو الإقليمية أو الدولية. إن البعد البيئي شديد الوضوح في تعامل الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم من البيئة المحيطة بهم ومع الحياة الحيوانية فيها و يتضح ذلك بشكل أجلى في حياة خاتم الرسل من خلال زراعته صلى الله عليه واله وسلم إلى عدد من النخيل في المدينة و توصياته المتعددة على ضرورة المحافظة على الشجرة والنخلة حتى في حالة الحرب.
إن الجرم العائد على البيئة من جراء الإهمال أو التقصير في سن القوانين الكفيلة بحمايتها يتعدى ضرر الجيل الحالي بل إن أضراره الشديدة تظهر في الأجيال القادمة أكثر فالإنسان المولود في البحرين اليوم لا يجد ما يدل على " جزيرة الخلود" وبلد المليون نخلة والعيون العذبة والبحار الزرقاء وغيرها من جماليات البيئة التي وهبها الله تعالى لهذه الجزر و التي كانت مورد التغني لهذه الشعوب على مدى التاريخ.

1- سن القوانين:
إن طغيان الاهتمام الأمني على تاريخ آل خليفة يجعل من التفكير في الجوانب الأخرى ومنها جوانب التشريعات والقوانين المحافظة على البيئة يتراجع في قائمة الاهتمامات إلى ذيل القائمة فعلى مستوى جزر البحرين لم تصدر تشريعات وقوانين تؤدي إلى الحفاظ على الجزء الأخضر من الجزيرة فتمادى العمران غير المدروس ليغطي على الكثير من البساتين ومزارع النخيل في كل الثلث الشمالي من البلاد, كما لم توجد قوانين مبكرة تنظم عملية استخراج المياه الجوفية مما أدى إلى إساءة استخدام هذا المورد الحيوي وتدميره, و في حدود المياه الإقليمية لم توجد التشريعات في الوقت المناسب للحفاظ على البيئة البحرية المتمثلة في أماكن تربية الربيان و الأسماك والحفاظ على نسبة التلوث العامة لمياه البحر في الحدود المقبولة دوليا.
والمشكلة الأخرى في هذا المجال و التي تأتي بعد صدور التشريعات والقوانين تتمثل في تجاوزات آل خليفة و المتنفذين لهذه القوانين وتغليب المصلحة الشخصية الضيقة على حساب مصلحة بيئة السكان في الجيل الحاضر و أجيال المستقبل, و لذا تشاهد استمرار الدفن في خليج توبلي برغم وجود تشريعات محلية ورعاية دولية لحماية هذه المنقطة الهامة لتولد الربيان وتكاثره, لكن الاستغراب يزول إذا علمنا أن رئيس الوزراء خليفة وأبنه علي هما الذين يقومون ببيع هذه الأراضي وهي في حالة البحر كقسائم سكنية وعلى الدولة أو المشتري تكلفة الدفن.

2- تدمير البساتين والمزارع والعيون:
بغض النظر عن الجانب الاقتصادي للزراعة فان المحافظة على المزارع والنخيل والعيون يمثل الجانب الأهم في المحافظة على البيئة في جزيرتنا الصغيرة وهو الأمر الذي لم تعره السلطات القائمة أي اهتمام بل على العكس من ذلك ساهمت من خلال سياستها العمرانية والاقتصادية في مسألة الاستيراد غير المدروس على القضاء على كثير من هذه المزارع والبساتين ولقد عمد الكثير من الملاك وغالبيتهم من آل خليفة إلى قتل النخيل و إزالة الأشجار من أجل التمكن من بيع هذه المزارع كأراضي صالحة للبناء من أجل أن يتضاعف سعرها في السوق, وبذلك قضوا على الكثير من المزارع والبساتين التي تمثل الرئة التي تتنفس منها هذه الجزيرة الوادعة.
أما مشاريع المحافظة على البيئة وزيادة المساحة المزروعة فلا تعد و للأسف الشديد على كونها وسائل دعائية جديدة لا تمثل بحجمها الحالي سوى جزء يسير مما تم تدميره بسياسات آل خليفة المباشرة وغير المباشرة.

3- البيئة البحرية:
إذا كانت المحافظة على مياه الخليج من التلوث الذي تسببه ناقلات النفط هي مسؤولية جماعية لدول الخليج فان المحافظة على البيئة والثروات المتواجدة في المياه الإقليمية هي مسئولة دولة البحرين وحدها.
لقد اشرنا إلى مسألة الدفن في خليج توبلي والمستمر إلى الآن ويعرف الصيادون والمتخصصون في البيئة البحرية حجم الضرر الناتج من دفن هذه المنطقة أكثر من غيرهم.
و تأتي عملية الدفن غير المخطط أو المدروس والفاقد للمواصفات الضرورية في جانب حماية البيئة ليؤثر على بقية الحياة البحرية في شواطئ البحرين ومياهها الإقليمية، ويشير بعض المطلعين أن هذه العملية من الدفن و ما تستلزمه من رمال تم جلبها من قاع البحر هي أحد العوامل السلبية التي أدت إلى ملوحة المياه الجوفية في البحرين.
قد لا نختلف في احتياج البحرين إلى توسعة رقعتها اليابسة على حساب البحر لكن الاختلاف الأهم يتمثل في المواقع التي تدفن وفي الكيفية التي يتم بها هذا التوسع ونوعية الرمال المستخدمة في ذلك ومدى مراعاتها لسلامة البيئة البحرية.

4- حرمان المواطن مما تبقى من جمال البيئة والطبيعة البحرينية:
ومن أجل الوقوف على هذه النقطة ما على الإنسان سوى ركوب سيارته والتجول في البحرين لمدة ساعتين فقط ليقف على الواقع بشكل عملي وسيجد أن أكثر من 70% مما تبقى من مزارع النخيل والبساتين هو ملك شخصي لعدد محدود من آل خليفة وهو محاط بالأسوار و الأسلاك الشائكة لمنع المواطن من التمتع حتى بالنظر إلى طبيعة وخضرة بلده, و إذا أراد طريقا آخر أكثر سهولة للإطلاع على ذلك فليراجع خريطة البحرين التي تبين المساحة الخضراء المتبقية و ليسأل أحد العارفين إلى من تعود ملكية هذه المساحة الخضراء على الخارطة؟
وشبيه على ما يجري على مستوى المزارع والبساتين يجري بالنسبة إلى الشواطئ فقسم كبير ومهم من شواطئ البحرين هو ملك خاص لآل خليفة و محظور على البحرينيين ارتيادها، نعم هناك استثناء للجنسيات الأوربية من هذا كما هو معلوم للمواطنين و المطّلعين.

5- زيادة نسبة التلوث في الهواء:
لقد جمعني لقاء من أحد خبراء البيئة العرب الذين زاروا البحرين في السنوات الأخيرة، وكان مم ذكر في حديثه أن نسبة تلوث الهواء في البحرين في حالة حرجة وان العاصمة والمناطق الصناعية تعاني من زيادة في نسبة التلوث المأخوذ بها علميا وان هذه الظاهرة آخذة في الاتساع في السنوات الأخيرة بسبب عوادم السيارات ومنتجات المصانع المتواجدة في البحرين مع قلة المساحة المزروعة, وقال لي بانّ حكومتكم تتعمد إخفاء بعض الإحصائيات المتعلقة بذلك عن المنظمات الدولية وعن الرأي العام المحلي, وهي سياسة ستؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة مستقبلا بشكل يهدد صحة السكان بشكل جدي) واني لا أزيد على كلام هذا الخبير سوى القول أن الفساد والانحراف عن حكم الله تعالى يعتدي على كل شئ حتى الهواء الذي نتنفسه.
إن كل هذا ونحن لسنا بالدولة الصناعية التي توجد فيها آلاف المصانع المختلفة فكيف والحال لو تطورت الصناعة في البحرين؟!!.
إن ما يحدث في حق البيئة جريمة بحق كل المواطنين سنة وشيعة في الجيل الحاضر و أجيال المستقبل كلها ويتحمل وزرها الأكبر سياسات آل خليفة المتخلفة والفاسدة.

في مجال كرامة الإنسان
1- الإهانة والاستخفاف بإمكانية الشعب البحريني المبدع:
( إن حركة التاريخ الإنساني ما هي إلا لسعي الإنسان نحو الكرامة والاعتراف) الاعتراف به كموجود إنساني مساوي لبقية الموجودات الإنسانية وما أن يصل الإنسان إلى درجة مقبولة من الاعتراف المتأهل حتى يصل بذلك إلى " نهاية التاريخ" هكذا فهم فرنسيس فوكوياما نظرية الفيلسوف الكبير هيجل التاريخية. وبغض النظر عن التصويب والتخطئة وذكر المؤاخذات على هذه المقولة فانه مما لا شك فيه أن السعي نحو الكرامة والاعتراف ساهم بدرجة كبيرة في تحريك عجلة التاريخ وتقدم الإنسانية شأنه في ذلك شان العنصر الاقتصادي والعنصر الديني ممثل بالرسالات السماوية وحركتها المتمثلة بالأنبياء والرسل نعم يتميز العنصر الديني و يؤثر أكثر على مسار التاريخ خصوصا في الجانب الايجابي منه.
إن آل خليفة يغفلون نقطة الكرامة في الشعب الذي يحكمونه ويتعاملون معه باستخفاف وتعالى شديدين ولذا يعبرون عن أنفسهم "بأبناء الفاتح" هذا اللقب الذي يحمل في طياته قهر الآخرين الذين فتح " الفاتح" أرضهم ويحول الباقين من الذين دخلوا إلى البحرين في عهد " الفاتح" إلى معاونين وخدم و أتباع أكثر, فالمغلوب والمفتوحة أرضه وهم سكان البحرين قبل " فتح آل خليفة" غنائم حرب وفتح، والقبائل التي دخلت مع آل خليفة البحرين ما هي إلى خدم ومعاونين وأتباع " للشيوخ" لا غير وفي اليوم الذي يغضب عليهم الشيح يطردهم من البحرين كما فعل بالجلاهمة و الدواسر فأرض البحرين و أهلها ملك لأولاد الفاتح ومن لا يعجبه ذلك فدونه البحر, وهذا ما عبر عنه أحد أولاد آل خليفة لوكيل سيارات الرولزرويز عندما طالبه هذا الوكيل بدفع أقساط السيارة المترتبة عليه.

وفي مقابلة مع رئيس الوزراء بعد حل المجلس الوطني ذكر الشيخ خليفة أن المجتمع البحريني غير مؤهل للمشاركة في إدارة شئونه وغير مؤهل للمجلس الوطني أو الانتخاب وأنه في الوقت الذي سيتأهل الشعب ويصل إلى هذا المستوى من القدرة على تحمل المسؤولية فان الحكومة - أسرة آل خليفة - ستفتح المجال أمام الشعب للمشاركة في القرار السياسي وقد تكرر نفس الموال على لسان ولي العهد في مقابلة مماثلة سنة 1992، وفي ذلك استهجان بقدرة و كفاءة الشعب البحريني الذي يشهد الجميع له بالتقدم الحضاري على تفكيره وأسلوب حكومته في إدارة البلاد, ولكن في الزمن الذي تختل فيه المقاييس يمكن للجهلة من آل خليفة أن يوصموا هذا الشعب العريق بأبشع الأوصاف المهينة.
وها نحن بعد أكثر من عشرين سنة على حل المجلس الوطني ومقابلة رئيس الوزراء وبعد أن بلغت نسبة التعليم حوالي 80% من السكان وتضاعف عدد حملة الدكتوراه والماجستير مئات المرات ورقي المجتمع البحرين في شتى المحاور اعترف آل خليفة باستحقاق الشعب البحريني بالمشاركة السياسية في القرار وذلك من خلال " مجلس الشورى المعين" الذي ينطق ويرد ما يريده مكتب رئيس الوزراء.
أفتتح آل خليفة بعد عشرين عام صورة مزيفة للشورى وللمشاركة السياسية, صورة في تقديمها الكثير من الاستغفال والاستخفاف بالشعب البحريني وبمطالبته بالمشاركة السياسية الحقيقية، فهل بعد هذه الإهانة والاستخفاف الذي لحق السنة والشيعة وبكل مواطن له ذرة ذوق وكرامة من أمل يرتجى في هذه العقلية الرجعية التي يتحرك بها آل خليفة.

أما الأمير فانه ينظر إلى الشعب البحريني على أنه مجموعة من الأرامل والأيتام القصر وانه هو "رب الأسرة" الذي يسعى للحفاظ على مصالح هذه الأرامل والأيتام فمن سنة 1970 إلى الآن لم " يكبر العيال" في نظره ولم يتأتى للأرامل أن تدير شؤون حياتها الخاصة وشؤون أولادها، ولا ادري ألسذاجة في الأمير هذا التفكير أم هو خبث واحتقار لأبناء الشعب من السنة والشيعة.
إن عذر عدم تأهل الشعب البحريني وهو عذر كاذب بنسبة 100% إلا أنه لو كان له درجة من الصحة فهو منقصة ومذمة لحكم آل خليفة قبل غيرهم و إلا ما نفسر عدم تأهل الشعب للمشاركة في شئونه المصيرية بعد أكثر من 200 عام من حكمكم يا آل خليفة وبعد أكثر من 60 سنة من اكتشاف النفط.

ليعلم الجميع من السنة والشيعة أن جرم آل خليفة في حق هذه الأرض وهذا الشعب العريق والمعطاء لم تتوقف في المجال الاقتصادي والسياسي والبيئي وغيرها من هذه المجالات بل طالت قابليه الإبداع والريادة التي يتمتع بها الشعب البحريني، وأخلت سياساتهم بالبناء النفسي للأفراد وللجماعات فالفكر والإبداع يحتاج إلى الهواء النقي من الحرية والأمن الحقيقي من أجل أن يتنفس وإذا حرم الفرد والمجتمع من ذلك لمدة زمنية طويلة فانه يصاب بأضرار كبيرة تحتاج إلى الكثير من الجهد من أجل إصلاحها و إلا فكيف نفسر تأخر الأنشطة الأدبية والفكرية في البحرين بعد أن كانت رائدة هذه المجالات في المنطقة ولا يتقدم عليها سوى شعب العراق وحضارة العراق وكيف تفسر هزلية الصحافة والفن المسرحي وباقي شعب الإبداع بعد أن كانت البحرين رائدة الصحافة الحرة ومنبت العلماء والمفكرين ولو عدنا للعشرينيات والثلاثينيات لوجدنا الطلبة البحرينيين هم أنشط الطلبة العرب في مختلف البرامج والأنشطة الفكرية والأدبية والفنية لكن أضرار الظلم يا أحبتي السنة والشيعة أكبر من ضرر في لقمة العيش, أنه ومن غير مبالغة وبكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى هو إضاعة للدنيا والآخرة على مستوى الأمة.

2-وضع الأجانب على رأس الهرم الوظيفي:
لقد جذبني حديث أحد الصحفيين على مسألة وجود الكولونيل السيد أيان هندرسون البريطاني الجنسية على رأس الجهاز الأمني وسألني الصحفي بشبه شخصي أي ليس للنشر ألا يشعر المواطنون بشكل عام والموظفون في الجهاز الأمني بشكل خاص بالإهانة من وجود شخص " مستعمر" يدير الجهاز الأمني من قبل الاستقلال سنة 1966 من الاستعمار البريطاني إلى الآن 1997؟ أليس لكم كرامة وطنية؟! فأجبته بان كل الشعب يشعر بالخزي والعار لوجود العشرات من أمثال هندرسون لكن المشكلة في نظري أن حكامنا وعلى طوال تاريخهم في حكم البحرين ليس لهم أي مواقف تدل على وجود ذرة كرامه وطنية عندهم فهم كل يوم يبيعون الوطن إلى جهة معينة ويدفعون الجزية والضريبة إلى حاكم معين أو دولة معينة والوثائق البريطانية والعثمانية والإيرانية والسعودية والمصرية والعمانية تثبت ذلك كل على حدة، بل حتى الوثائق التي ينشرها آل خليفة والتاريخ الذي يكتبونه يثبت ذلك ويأخذه مأخذ المسلمات.
إن هذا الصحفي لا يعلم بآلاف الخبراء والموظفين الأجانب الذين يتولون أعلى المناصب الإدارية والتنفيذية في الشركات والمؤسسات الحكومية وفي كثير من الأحيان يتعلمون وظيفتهم من الموظفين البحرينيين السنة والشيعة الذين يعملون إداريا تحت رئيسهم.
إن هذا الكلام لا ينفي احتياج البلاد إلى الاستفادة من خبرات الآخرين لتطوير والرقي بها لكن المسألة في البحرين تجاوزت حدودها وتحولت إلى حالة مرضية مزمنة من التقديس الأعمى للأجنبي وكفائتة إلى الدرجة التي انعكست على مستوى الإيمان بكفاءة الموظف والمسئول البحريني وهي بذلك تشكل طعن مستمر في كفاءة المواطن الوظيفية لكرامته الإنسانية.

3- عدم شعور المواطن بوجود دولة تحميه:
إن رعايا الدول الكبرى والدول الصغيرة والمتخلفة من دول العالم الثالث يشعرون بوجود دولة تقف ورائهم وتعالج مشاكلهم التي قد يتعرضون لها أثناء سفرهم وتواجدهم خارج بلادهم وفي الكثير من الأحيان يتنامى إلى مسامعنا تدخل رئيس الفلبين أو الرئيس الأمريكي أو غيرهم من الرؤساء للدفاع عن أحد المواطنين عندما يتعرض لمشكلة معينة أثناء تواجده خارج أرض الوطن وتعتبر ذلك مسألة وطنية، لكن المواطن البحريني المسكين لا يشعر بهذا الشعور أبدا فهناك الكثير من الحوادث التي وقعت للبحرينيين خارج أرضهم و لم تحرك الدولة ساكنا لمساعدتهم للخروج منها مما رسخ قناعة قوية عند المواطنين بعدم وجود أي دولة تحميهم وبعدم جدوى توجيه الاستغاثة إلى حكومة البحرين فكم من مسافر انقطعت به السبل المادية أو تعرض إلى مصاعب قانونية في الهند وغيرها ولم تحرك الدولة ساكنا, وفي أعقاب حرب الخليج الثانية والقضاء على الانتفاضة الشعبية في العراق اختفى عددا من المواطنين البحرينيين ولم يعرف مصيرهم ولم تحرك الحكومة ساكنا من أجل معرفة مصيرهم ومساعدتهم بالرغم من العلاقات المتميزة بينها وبين النظام القائم في العراق، ولو طلبت حكومة البحرين معرفة مصير هؤلاء وإطلاق سراحهم في حالة كونهم سجناء أو أسرى عند النظام العراقي مقابل برقية رئيس الوزراء لتبريك بعيد ميلاد صدام في سنة 1993 أو مقابل الوفود التجارية التي تذهب إلى العراق المحاصر بالقوانين الدولية لما تردد النظام العراقي في ذلك.
بل الأنكى من ذلك في هذا المجال تهليل واستبشار وزير الخارجية محمد بن مبارك لاعتقال مجموعة من المواطنين البحرينيين في الكويت وفي بداية سنة 1997، ومحاربة الموطنين العاملين في الكويت وباقي دول الخليج من خلال الطلب الرسمي من الحكومة البحرينية بتحديد رواتب هؤلاء الموظفين في القطاع العام والخاص حتى لا يطالبون بزيادة الرواتب عندما يعودون إلى البحرين, وقد قالوا للمسئولين الكويتيين "أنتم تخربونهم علينا" وحسبي القول " إن لم تستحي ففعل ما شئت"

4- المواطنة من الدرجة الثانية:
في الإطار الدستوري والقانوني تقسم وضع الجنسية في البحرين إلى قسمين الأول هو البحريني بالتولد والثانية هم المجنسون وفي القسم الأول يمنع الدستور سحب الجنسية مطلقا و في الثانية يشير الدستور إلى ضرورة وجود قانون ومبررات في حالة سحب الجنسية من المتجنس.
أما في الواقع العملي فالمجتمع البحريني مقسم إلى قسمين رئيسيين وهذين القسمين ينقسمون إلى أقسام عدة، فالقسم الأول هم طبقة النبلاء وعلية القوم وهم آل خليفة فهم كما يرون أنفسهم جهلا أبناء "الفاتح" وهم من يملك الأرض و من عليها وهم من لهم الحق الإلهي في الحكم و السيادة.

وتنقسم هذه الطبقة إلى قسمين أساسيين فرع سلمان بن حمد وهو الفرع الحاكم و المتنفذين
والقسم الثاني بقية آل خليفة كل بحسب قربه أو بعده عن فرع سلمان.

أما القسم الثاني فهو بقية أبناء الشعب الذين يتمتعون بالجنسية بالولادة أو بالتجنس أو المحرومين منها وهم ينقسمون في الواقع بسبب سياسات آل خليفة الفاسدة والهادمة إلى عدة أقسام حتى اعتدنا ان نسمع من بعض المواطنين القول أننا مواطنين درجة ثالثة..


السيد العلوي 1999
فهرس المواضيع
مدخل .............................................................................. 3
المجال الديني ....................................................................... 3
سلب الحق في التنظيم.........................................4
سلب حرية التعبير.............................................4
المراقبة........................................................4
المجال الاقتصادي.....................................................................5
السرقات المباشرة .............................................5
المناصب.......................................................5
الضرائب.......................................................5
البترول.........................................................5
الأراضي.......................................................6
استغلال مؤسسات الدولة.......................................6
سرقة المال العام................................................6
عدم دفع الضرائب والرسوم.....................................6
الأضرار الاقتصادية غير المباشرة ....................................................7
إهدار الثروات العامة.............................................7
الثروة الزراعية..................................................7
مصائد اللؤلؤ.....................................................7
مصائد الأسماك والربيان ( الثروة البحرية)........................7
البترول...........................................................8
حول الفساد الإداري................................................8
المساعدات الخارجية...............................................9
العمل في التجارة..................................................9
المجال العمالي لوظيفي.................................................................10
حق التنظيم النقابي..................................................11
الحد الأدنى من الأجور..............................................11
حماية العامل والموظف.............................................11
ضوابط الحصول على الوظيفة والترقية..............................12
مجال حقوق المواطن..................................................................12
حق المشاركة في القرار.............................................12
حرية التعبير عن الرأي.............................................13
حرية الصحافة......................................................14
حق الاجتماع.......................................................14
حق مخاطبة السلطات...............................................14
حق المواطن في الجنسية............................................15
حق المواطن في السفر من البحرين والعودة إليها متى شاء..........16
حق المواطن في المسكن الملائم له و لأسرته.......................16
حق المواطن في التقاضي أمام محكمة عادلة وقضاة مستقلين........17
في المجال البيئي...................................................................17
سن القوانين.........................................................18
تدمير البساتين والمزارع والعيون....................................18
البيئة البحرية........................................................18
حرمان المواطن مما تبقى من جمال البيئة والطبيعة البحرينية.........19
زيادة نسبة التلوث في الهواء.........................................19
في مجال كرامة الإنسان...........................................................19
الإهانة والاستخفاف بإمكانية الشعب البحريني المبدع..................19
وضع الأجانب على رأس الهرم الوظيفي..............................20
عدم شعور المواطن بوجود دولة تحميه...............................20
المواطنة من الدرجة الثانية............................................22

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق