البحرين .. قراءة في الوثائق البريطانية (مقدمة)


البحرين (1920 - 1971 ) قراءة في الوثائق البريطانية

بقلم / الدكتور سعيد الشهابي
تقديم : عبد الرحمن النعيمي

من خلال الوثائق البريطانية، ومن موقعه كمناضل في الحركة الدستوري ، يقدم الدكتور سعيد الشهابي قراءة للوثائق البريطانية للفترة الممتدة من مطلع القرن إلى الإسقتلال ، وهي الفترة التي شهدت الوجود البريطاني المكثف في البحرين حيث كانت البلاد تحت الحماية البريطانية على الصعيد القانوني ، إلا إنها كانت تدار داخليا ً من قبل المعتمدين والمستشارين البريطانيين، من الميجر ديلي وتشارلز بلكريف إلى أيان هندرسون الذي يواصل دوره الاستعماري حتى الوقت الحاضر.
يقدم الدكتور سعيد الشهابي رؤيته للصراع بين الغالبية الساحة من المواطنين ( الشيعة ) والأسرة الحاكمة وحلفائها من القبائل السنية في مطلق القرن ، حيث ينتقد التحليل السياسي السائد حول الصراعات التي نشأت في العقد الثاني من القرن وأدت إلى إسهام البريطانيين في إزاحة عيسى بن علي وتنصيب ابنه حمد مكانه إذا يتطرق باستفاضة إلى الأوضاع المأساوية التي عاشها الشيعة تحت حكم الأسرة الخليفية منذ أن وطأت أقدامهم جزر البحرين واعتبروا أنفسهم فاتحين ، واعتبروا شعب البحرين من الدرجة الثانية وبالتالي أقاموا سلوكهم اليومي مع المواطنين الشيعة على أنهم تحت الطلب وبحكم السخرة أو أن ولاءهم مشكوك فيه حيال الأسرة الحاكمة . هذا يقودنا إلى مسألة الأوضاع المذهبية في البحرين ، حيث السكان العرب الأصليين من الشيعة منذ الدولة القرمطية ، وهم امتداد لشيعة البحرين الطبيعية ، ومسألة الصراعات المذهبية في هذه الجزر ومدى الاتفاق بين الطائفتين على قضايا الصراع ضد البريطانيين وضد الأسرة الحاكمة . إن التحليل الموضوعي لا يتهرب من معالجة هذه القضايا الحساسة ، بل يقف عندها ليبين أسبابها ، ويكشف موقف سائر الفئات القبلية والاجتماعية والطبقية على ضوء تطور المجتمع وبالتالي نوعية التمايزات بين أفراده ، ونوعية الصراع الموجود فيه ، فمن المعروف أن المجتمع العربي الإسلامي قد شهد الكثير من الصراعات السياسية والاجتماعية ، وانقسم الناس إلى أحزاب عبرت عن نفسها في مذاهب شتى من السنة والشيعة والخوارج ، ثم انقسمت هذه المذاهب الكبرى إلى مذاهب أخرى عبرت أيضا عن مصالح مادية ورؤيا فكرية إلى أمور الدنيا والدين ، وهذه الصراعات الفكرية في بناء المجتمع الفوقي كانت تتفاعل مع بناء المجتمع التحتي ، بحيث تكون الحركات المعارضة تستقطب المزيد من المضطهدين في المجتمع ، وبالتالي يتغير الولاء المذهبي للأفراد والجماعات كما تتغير الانتماءات الحزبية في وقتنا الحاضر ، لقد كانت المذاهب الدينية تعبيرا ً عن الصراعات والولاءات السياسية ، وكان ولا يزال الدين الإسلامي بمذاهبه قادرا ً على تعبئة الجموع ودفعها للقيام بأعمال كبيرة ، فالأفكار عندما تؤمن بها الجماهير تتحول على قوة دفع عظيمة بالاتجاه الذي ينشده القائمون عليها.
وإذا أردنا تفحص وضعية البحرين ، في القرون الأخيرة ، فإننا نرى بأن سكانها كانوا من الشيعة ، وتمكنت إيران من المساهمة في طرد البرتغاليين في القرن السادس عشر وفرض الحماية على جزر البحرين من ذلك الوقت ، وكانت أسرة آل مذكور حاكمة على البلاد وتدفع الضرائب لحاكم بوشهر ، ولم هناك إشكالية مذهبية بين الحاكم والمحكوم حيث كان الطرفان يدينان بالمذهب الجعفري ، وكان الولاء المذهبي لا يقل قوة عن الولاء القبلي أو الولاء القومي الذي برز لاحقا ً وفي القرن العشرين . كيف اعتبر آل خليفة أنفسهم فاتحين للبحرين ولم يعتبروا أنفسهم فاتحين لقطر وقد استولوا على الأخيرة في القرن الثامن عشر عندما تركوا الكويت في منتصف القرن الثامن عشر ليستقروا في الزبارة ، ويشنوا الهجمات العسكرية المتكررة على البحرين حتى استطاعوا السيطرة عليها عام 1783 م . هل اعتبروا أنفسهم فاتحين ضد الفرس أو ضد الشيعة أيضا ً ؟ وبالتالي هل اعتبروا صراعهم في البحرين جزءا ً من الصراع المذهبي أو السياسي السابق أم تحرير منطقة من السيطرة الإيرانية ؟ .
في تلك الفترة كانت الأمور متداخلة ، ولكن العامل القومي لم يكن هو الطاغي بحيث يمكن القول بأن آل خليفة قادوا معركة تحرير البحرين ضد الفرس ، وبالتالي فقد كان سلوكهم طائفيا ً ضد شعب البحرين الشيعي ، ليس لأن المواطنين يدينوا بالولاء لإيران أو لا يدينوا ، بل لأنهم شيعة ، وبالتالي فإن الصراعات التي نشأت في تلك الفترة لا يمكن عزلها عن إطارها المذهبي ، ولا يمكن تجاهل أن القبائل العربية التي جاءت مع آل خليفة كانت سنية ، وبالتالي برزت الأمور وكأن القبائل السنية تريد الاستيلاء على أرض الشيعة وتقيم سلطانها عليها ، وكان من الطبيعي أن ينظر الشيعة إلى آل خليفة بأنهم انتزعوا السلطة السياسية منهم ، ووضعوا الأرض رهينة ، أي انتزعوها من سكانها الأصليين ، واعتبروها أميرية ، أي خليفية ، أي مصادرة من الشيعة . وحيث طغت الصراعات بين أفراد الأسرة الحاكمة في القرن المنصرم ، وحلفائهم من قبائل شرق الجزيرة العربية ( السنية ) ، فقد سجل التاريخ الرسمي تلك الصراعات واعتبرها المظهر الرئيسي للصراع في تلك الفترة ، بالرغم من المظالم التي لا تحصى ضد الفقراء وضد المواطنين من المذاهب الإسلامية الأخرى سواء في البحرين أو شرق الجزيرة العربية ، إلا إن الصراع قد اكتسب مضامين أخرى في مطلع القرن عندما تزايد الدخول البريطاني في المنطقة وبشكل خاص في البحرين ، بحكم الموقع ، وبحكم بروز الأسرة السعودية بقيادة عبد العزيز آل سعود الذي تطلع إلى هذه المحميات البريطانية ليضمها إلى مملكته ، وبالتالي تزايدت العوامل في الصراع الداخلي ، وبدأ المعتمد البريطاني يراقب الموقف الداخلي والخارجي وتفاعلاته على ضوء المصلحة البريطانية ، وبات من الطبيعي أن تفتش القوى المتصارعة عن تحالفاتها على ضوء مصالحها أيضا ً . لقد كان من مصلحة الأسرة الحاكمة والقبائل السنية المرتبطة معها إبقاء الأوضاع على ما هي عليه من انعدام سلطة مركزية ، والتحكم بالفلاحين والمواطنين عموما ً من قبل أفراد الأسرة الحاكمة دون محاسبة ، في مطلع القرن العشرين ، وكان من مصلحة تجار الغوص إبقاء الأوضاع على ما هي عليه بحكم الامتيازات الكبير التي يحصلون عليها والمظالم التي يمارسونها على الغواصين إلى الدرجة التي وضعت الغالبية الساحقة من الغواصين في مرتبة العبيد ، وأصبح الاضطهاد الذي يعيشه الفلاحون والغواصين ( والكثير من الفلاحين غواصين أيضا ً ) لا يطاق ، حيث بات الغواص مملوكا ً من قبل أرباب العمل وأصبحت أسرته مسيطرا ً عليها أيضا ً بحكم الأعراف التي أوجدها تجار الغوص ومعهم الأسرة الحاكمة . تضافرت عوامل كثيرة تدفع للتغيير في العقد الثاني من القرن العشرين ، فقد كان الحاكم ضعيفا للغاية ، وكان أفراد الأسرة الحاكمة حكاما ً في القرى والبلدات والأحياء المتواجدين فهيا ، وتداخل الصراع الطبقي بالصراع المذهبي إلى درجة كبيرة رغم أن الأسرة الحاكمة كانت تعيث فسادا ً على جميع المواطنين ، ولم يكن كل الغواصين من الشيعة ، بل هناك الآلاف من الناس العاديين الذي لا قبائل لهم أو جلبوا من أفريقيا ضمن موجة شراء الرقيق .
واستثمر البريطانيين وضعية التذمر الشديد الذي يعيشه الشيعة ، لإعادة ترتيب الوضع الإداري بما يناسب مصالحهم وتقوية أوضاعهم في البحرين أمام الأخطار الخارجية المحدقة بهذه الجزر والتي كانت تهدد وجودهم فيها ، وبات من الضروري إلغاء كثرة من الممارسات المشينة والضرائب التي فرضها آل خليفة على الشيعة ، وبالتالي الانتقال عبر إصلاحات إلى تعديل الوضعية بين الطائفتين ومساواتهم في الاضطهاد والسيطرة من قبل البريطانيين وحلفائهم آل خليفة . لذلك جاءت إصلاحات العشرين : عزل الحاكم وتنصيب ابنه ووضع اللبنات الأولى للجهاز الإداري ،وجلب المستشار البريطاني ، تشارلز بلكريف ، الذي عهد إليه بناء الإدارة الحديثة في البحرين ، فاعتبر البلاد ملكية خاصة به بعد ذلك ، حيث أصبح الحاكم الحقيقي حتى أطاحت به الحركة الوطنية في الخمسينات . لم يكن ممكنا ً أن يستمر الصراع بشكله الطائفي ، ذو البعد الاجتماعي الطبقي ( حيث الغالبية الساحقة من الشيعة فلاحين ، في حين لا تمارس القبائل ( السنية هذه المهنة ) ومع دخول البلاد عالم النفط ، وانتقال الناس من الزراعة والغوص إلى الصناعة ، وبالتالي العمل المشترك ضد رب عمل واحد ، وبروز التعليم الحديث ، كان من الطبيعي أن يلتحم المواطنين أكثر فأكثر ، وأن يكتسب الصراع السياسي أبعادا ً اجتماعية جديدة ويتوارى قليلا ً المظهر الطائفي رغم استمراره بأشكال متعددة ، حسب المصالح وحسب الوضعية الخاصة للموضوع المتنازع عليه .
هكذا برزت الأحداث طيلة الفترة الممتدة من الثلاثين إلى الاستقلال ، مطالب إصلاحية ، تحررية ، عمالية ، طلابية ، سياسية ، ساهمت فيها الموجة العارمة لحركة التحرر القومي العربية والعالمية ، وبروز المعسكر الاشتراكي كقوة كبرى في الصراع ضد الإمبريالية العالمية ، وبات من الضروري تمتين الوحدة الوطنية والابتعاد عن كل عوامل التفرقة ، المذهبية والحزبية ، دون إنكار الحق المذهبي والحق الحزبي للمواطن ، والتأكيد على ضرورة صب كل الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة لشعب البحرين ، وهكذا شهدت البلاد أروع تلاحم وطني في الثلاثينات والخمسينات عندما استطاعت هيئة الاتحاد الوطني أن تقود نضال شعب البحرين للحصول على مجلس تشريعي ودستور للبلاد وطرد المستشار البريطاني وتحسين الأوضاع العامة ، الإدارية والقانونية في البلاد . توقفنا أمام هذه المسألة ، رغم أن الكتاب يتفحص الوثائق البريطانية التي سجلت أحداث البحرين في تلك الفترة ، ليست فقط للقراءة الخاصة التي خرج بها الدكتور سعيد الشهابي للصراعات في مطلع القرن ، حيث انتقد موقف العديد من المثقفين من الإصلاحات التي اقترحتها بريطانيا آنذاك واعتبرها موقفا ً ينم عن خلفية طائفية متحيزة للسنة ، متجاهلة المظالم الكبيرة التي عاشها الشيعة آنذاك ، وإنما أيضا ً للوضعية التي تعيشها البحرين في الوقت الحاضر ، حيث برزت الحركات السياسية الإسلامية على أساس القديم ، وليس على أساس التجديد المذهبي ، كما كانت الأوضاع في العصور الإسلامية المزدهرة ، وبالتالي انحسار الحركات الوطنية الموحدة للشعب وبروز الحركات الشيعية والسنية بشكل طاغ على المسرح السياسي كما نشاهد حاليا ً ، وهي حركات لا تستطيع أن تقدم مشروعه الشامل الذي ينخرط فيه كل المواطنين . ولا يجب فهم الموضوع بطريقة خاطئة . . فمن حق كل مواطن أن يدين بالمذهب الذي ولد عليه وألا يغير مذهبه ، بل إن انتماء المواطن إلى مذهبه يرقى إلى مستوى الإرث الذي يصعب التخلص منه من قبل الغالبية الساحقة من المواطنين ، ويحتاج الأمر إلى أشكال من الصراع السياسي والفكري لإخراج الناس من الشرنقة المذهبية التي وجدوا أنفسهم فيها ، وولادة حركات سياسية إسلامية لا ترتكز على الماضي بحذافيره ، بل تسعى للتجديد للتخلص من سلبيات الماضي والتمسك بما فيه من إيجابيات .
وإذا قلنا بأن الولاء المذهبي لا يمكن أن يخلق الكتلة الشعبية التاريخية المطلوبة ، فليس معنى ذلك أن الأحزاب الوطنية التقدمية قادرة على ذلك ، فمن الصعب أن يكون كل الناس قوميين أو شيوعيين أ ما شابه ذلك ، وبالتالي فإن الولاءات الحزبية لن تكون أشمل من الولاء المذهبي ، ولا يمكن لأي بدلا أن تشهد من التناحرات الحزبية الدموية ما لا يقل بشاعة عن الصراعات الدموية التي شهدها التاريخ الإسلامي ، ويكفي الإشارة إلى الصراع بين الشيوعيين والقوميين في العراق منذ الخمسينات وللوقت الحاضر . بالتالي ، فإن إقامة تنظيمات سياسية انطلاقا ً من الأرضية المذهبية ، قد يسهم في زج الغالبية الساحقة من الشعب في الصراع السياسي ، ولا يمكن القول بالتالي بأن الشيعة مع الإصلاح والسنة ضد الإصلاح ، لأن هناك كثرة من الموظفين والمرتبطين مصلحيا ً مع الناس من السنة أو الشيعة يقفون على الحياد أو منحازين علنا ً أو سرا ً للنظام أو للحركة الدستورية . إلا عن الأحداث قد أفرزت وضعية سلبية لا يجب تجاهلها ، وغض البصر عنها ، ولا يجب التخوف من وضعها تحت المجهر لمعرفة أفضل الأساليب لمعالجتها . وفي الصراع السياسي الأخير ، تلاحمت كل القوى السياسية التي ترى المشاركة الشعبية في الحكم ، وإخراج البلاد من الديكتاتورية التي فرضها النظام بانقلابه في السادس والعشرين من أغسطس 1975 ، عندما حل المجلس الوطني وعلق مواد أساسية من الدستور ، وفرض قانون أمن الدولة ، واستباح حريات المواطنين وحقوقهم الأساسية السياسية ، وعبرت عن ذلك في العلاقات الحميمة بين مختلف الشخصيات السياسية والدينية الممثلة للتيارات السياسية الوطنية . إلا إن من الواضح أن الحركة السياسية السنية ليست على وفاق مع الغالبية الساحقة من الحركة السياسية ، خاصة وأن بعض التيارات السنية تغلب الجانب المذهبي والصراعات المذهبية على الجانب السياسي الحياتي للناس ، وتنظر إلى الناس على أساس انتمائهم المذهبي وليس انتمائهم الطبقي أو الوطني ، وبالتالي تقف ضد الشيعة مثلا وضد الشيوعيين وضد كل التيارات العلمانية على حد سواء ، إذ أن دليلهم هو الوهابية بصورتها القديمة ، كما أن جزءا ً من الحركة السياسية السنية ، الأخوان المسلمين ، لم يرق إلى الأوضاع التي وصلت إلها الحركة في بلدان أخرى كمصر وفلسطين بحيث يعيش الصراع السياسي ويدافع عن المصالح الوطنية والطبقية للجماهير السنية ، بل يعتبر التمرد على الحاكم فتنة ، والفتنة أشد من القتل ، وبالتالي إباحة القتل من قبل هندرسون ، وعدم إباحة التمرد من قبل الشعب ، وهذا يعني وقوف هذه الحركة السياسية إلى جانب النظام في وجه الحركة الدستورية التي لا تريد الفتنة ولا تريد الثورة وإنما تريد الإصلاح ، وتريد أن تطبق أقل بكثير مما قاله ذلك الأعرابي لعمر : " والله يا عمر لو رأينا فيك اعوجاجا ً لقومناه بسيوفنا " .
والحركة الدستورية لا تنشد استخدام السيوف وإنما تطبق قول الرسول : " من رأي منكم منكرا ً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " ، والحركة الدستورية وسطية حيث أنها تريد الإصلاح باللسان وليس باليد . وإذا كان الشعب ممثلا ً في الغالبية الساحقة من القوى السياسية ، الدينية والعلمانية ، متحدا ً ومطالبا ً بالإصلاحات السياسية الدستورية التي عبرت عتها الوثيقة التاريخية التي وقعه 25 ألف مواطن ، فإن السلطة ، التي يريدها المرتزق البريطاني ، أيان هندرسون ، قد وجدت أن أفضل طريقة لتدمير الحركة هو التمييز الطائفي وطمس الشعارات السياسية لها ، وتسليط الأضواء على مظهرها المذهبي ، وإلصاق التهم بها ، من طراز الارتباط بإيران وعدم الولاء لأسرة آل خليفة .
وكان من المفروض أن تنتبه الحركة الإسلامية الشيعية إلى هذا المخطط التدميري الخطر ، وتقبره في المهد ، إلا إنها لم تعالج الموضوع بالشكل الصحيح ، ولم يكن الآخرين من القوى السياسية ، السنة والعلمانيين ، قادرين على مواكبة المخطط السلطوي أو ردود الفعل الشيعية ولم تحرص القيادة الشيعية على التحالف بحيث تتمسك بالقول : " الضعيف أمير الركب " والوحدة ضرورة استراتيجية للعمل الدستوري ، وهكذا تسارعت الأحداث بحيث انخرطت الغالبية الساحقة من الشيعة في النضال الدستوري الصدامي اليومي ، وأصبحت الغالبية الساحقة من السنة متفرجة على الأحداث أما مرددة لما يقوله النظام ، أو متعاطفة مع الحركة ، وتعتبر أن دورها لا يرقى إلى مستوى الدم والسجن ، وإن قلوبها مع علي ، رغم أن لسانها لا يلعلع بمدح معاوية . هكذا برزت لجنة المبادرة في المقدمة ، وانكفأت لجنة العريضة ، هكذا برزت المزيد من القيادات الدينية بدلا عن القيادات السياسية ، وهكذا برز وكأن الشيعة هم المظلومين وأن السنة يحكمون وبالتالي ليسوا مظلومين !! . إلا إن الحركة الشيعية لم تخطأ في الشعارات ، لقد تمسكت بما أجمع عليه الناس في العريضة ، ولم يرتفع شعار طائفي واحد في البلاد ، مما ضاعف من التأييد الشعبي للحركة ، وجعل الكثير من المترددين الديمقراطيين أو السنة يرون ضرورة رأب الصدع الذي ولده المشروع الطائفي السلطوي والممارسات الخاطئة للقيادة الشيعية .
هذا الكتاب سجل لمرحلة مهمة في تاريخ البحرين السياسي ، لا غنى عنه لكل المعنيين بالعمل السياسي أو الباحثين عن الشأن البحريني أو الخليجي ، وبالتالي فإن صدروه في هذه المرحلة ضرورة .

5 مارس 1996

هناك تعليق واحد:

  1. في اي مكتبة يمكن العثور على هذة الوثائق

    ردحذف