( الفصل الخامس )

* الإضطرابات الطائفية في مطلع الخمسينات

- عاشوراء 1953:
في 5 أكتوبر 1953 كتب المقيم السياسي في الخليج ، بي . أي بي باروز رسالة إلى وزير الخارجية البريطاني انتوني إيدن حول الإضطرابات الطائفية في البحرين فيها : (1)
" إن أهم دلالة لهذه الأحداث ، هي حدوث حالة من التوتر أو الانزعاج في هذه الجالية التي هي عادة مسالمة وهادئة ، قادرة على أن تحول حدثا ً صغيرا ً في الشارع إلى اضطراب كبير . وإن من حسن الحظ من بعض الزوايا أن يعبر هذا التوتر عن نفسه في اضطرابات فئوية بدلا ً من تظاهرات وطنية أو ضد الأجانب كما يحدث في معظم دول الشرق الأوسط الأخرى . ولكنني أخشى أن يكون وجود هذا التوتر مرتبطا ً بشكل ما بتصاعد المشاعر الوطنية والدينية في الشرق الأوسط التي يبثها الراديو والصحافة " .

هذا ما جاء في رسالة المقيم السياسي التي تضمنت تقريرا ً مفصلا ًَ عن أحداث سبتمبر من المعتمد السياسي بالبحرين جي . دبليو . وول ، تلك الأحداث التي رغم بشاعتها من ناحية كونها ذات طابع طائفي ، إلا أنها كانت سببا ً لقيام حركة معارضة شعبية شاملة خلال السنوات الثلاث التالية :
- ماذا جرى في عاشوراء 1363 هـ (1953)؟ :
كان موكب المعزين في صباح يوم الأحد العاشر من المحرم 1363 هجرية ( 20 سبتمبر 1953م ) يتحرك على خط السير الذي كان متفقا ً عليه مع الشرطة في شوارع المنامة ، ولم يكن أحد يتوقع أن هناك أمرا ً مبطنا ً لضرب وحدة الشعب بإثارة القضايا الطائفية . فمواكب العزاء ليست ظاهرة جديدة في المجتمع البحراني . وقد اعتادها منذ قرون طويلة ، ومضى أكثر من عشرين عاما ً على ظهورها بالنمط الحالي .

ولكن ما حدث في ذلك الصباح كان أمرا ً آخر . فعندما كان الموكب يسير في شارع بلجريف في المنامة حدثت مشادة بين عدد من المشاركين في الموكب ( وهم من الشيعة ) وآخرين كانوا يتفرجون على جانب الشارع ( وهم السنة ) . وذكرت بعض التقارير أن رجال الشرطة حاولوا اعتقال أحد الشيعة كان في حالة غضب مع المتفرجين ، ولكنهم لم يستطيعوا ذلك بسبب الزحام وضجة الجموع . بعد قليل تمكنت سيارة حكومية من شق الصفوف وإرجاع حالة من الهدوء بين الجموع . في هذه الفترة كانت المشاعر تغلي بين الجانبين حيث بدأت الاستعدادات لمواجهة دموية ، هذا في الوقت الذي كان فيه رجال الشرطة يحاولون اعتقال بعض الشباب . وهنا حاول بعض الشيعة إطلاق سراح عدد من رفاقهم من أيدي الشرطة ، وبدأت هنالك معركة بين الجانبين بعد أن فقدت الشرطة السيطرة على الموقف .
أصبح الموكب واقفا ً في شارع بلجريف ، بعد أن استطاع قادة الموكب الشيعة التوصل إلى " هدنة " مع المتفرجين السنة ، رغم استمرار بعض حالات النزاع بين مجموعات صغيرة متفرقة . وبعد قليل وصلت مجموعة من الشيعة وهم في لباس العزاء ، وحدثت الضجة والنزاع من جديد ، وأصبح المعزون في حالة تأهب حيث كانوا يحملون العصي والقطع الخشبية . ورغم محاولات التهدئة فقد استمرت حالة الغليان رغم انقطاع الموكب العزائي وتوقفه عن السير .
بعد فترة يسيرة وصلت شاحنة شرطة إلى شارع بلجريف وذكرت التقارير أن الشرطة الذين جاؤوا فيها بدأوا يطلقون النار من بنادقهم على الناس ، وكانوا يعيدون ملئ بنادقهم بالذخيرة كلما نفذت وعلل بعضهم ذلك بقوله " ظننت أن ذلك أفضل " (2)
وذكر البعض أن حراس المعتمدية البريطانية بدأوا بإطلاق النار عندما رأوا عددا ً من الشيعة يبحثون عن مأوى في ساحة المعتمدية . ويتفق شهود العيان أن إطلاق النار كان كثيفا ً وإن كان بعضه في الهواء ، وتقول المصادر البريطانية أن سبعين طلقة حية قد أطلقت . كما تمت مساندة الشرطة النظامية بعدد من النواطير ( الحراس ) الذين كانوا مسلحين بالبنادق والذخيرة ولكن مع ذلك لم يؤد إطلاق النار لتفريق المتجمهرين .
واستعمل الناس في مجابهتهم لبعضهم البعض قطعا ً من الأخشاب واستعمل الناس في مجابهتهم لبعضهم البعض قطعا ً من الأخشاب . فمثلا ً قام البعض باقتلاع العصي والأخشاب من منزل مبني من سعف النخيل ( باراستي ) ومن الأبواب والنوافذ المجاورة . كما استعملت القوارير ( قنينات ) الموجودة في الشارع ، وقال شهود عيان أن عددا ً من المتفرجين السنة قد قذفوا بهذه الأدوات من على سطوح المنازل المجاورة . ويعتقد أن القنينات سببت الجزء الأكبر من الجروح التي أصابت الشيعة . وكانت هناك حالة أو اثنتان لجروح بالسكاكين وهي دلالة على حالة الغليان التي سيطرت على نفوس البعض .
وجاء بعد ذلك تشارلز بلجريف مع مفرزة من الشرطة ولكنه لم يستطع إخلاء الشوارع من الناس . ولم يتفرق هؤلاء إلا بعد منتصف النهار وحلول وقت الغذاء ، إذ بقي شارع بلجريف مكتظا ً بالناس .
وتقول الوثائق البريطانية أن جميع التقارير تشير إلى أن الشرطة لم يكن لديها أية فكرة عن السيطرة على التجمهرات وعلى مواجهة الإضطرابات ، وأنهم ، لكون معظمهم من السنة ، كانوا يرون أن الطريق الأفضل لإعادة النظام هو بضرب الشيعة . كما تقول أن الخطأ الأساسي كان في الطريقة التي كانت الشرطة بها متواجدة في المواكب . فقد كان من الأفضل أن تكون فاصلة بين المعزين والمتفرجين ، ولكنهم كانوا متداخلين في ما بين المعزين مما جعل المعزين على احتكاك بالمتفرجين .
كما أن الشرطة كانوا قد وضعوا خطة تنظيم لمسيرات العزائية على أساس احتمال نشوب اضطرابات بين المواطنين الإيرانيين أنفسهم ، بين مؤيدي محمد مصدق ومؤيدي أردشير زاهدي ، وعملوا خططهم على ضوء ذلك . فعندما بدأت الاضطرابات منعت الشرطة الإيرانيين من الخروج من مأتمهم وبهذا لم تشملهم الإضطرابات .
مضى بقية يوم الأحد ( أي يوم العاشر ) بدون تجدد المعارك في الشارع ، ولكن كان هناك إشاعات كثيرة خلال ذلك اليوم . ومع صباح اليوم التالي ، الاثنين ، سادت المنطقة السنية ( الرفاع الشرقي ، والقرى الأخرى وكذلك عمال شركة النفط ) شائعات بأن إخوانهم السنة في المنامة يتعرضون لمجازر على نطاق واسع . في الوقت نفسه كان الشيعة في المنامة على قناعة كاملة أن كل السنة في البلاد ومعهم الحكومة بكل قواتها يقومون بتعبئة شاملة للقضاء عليهم . فقام أعيان البحارنه بمنع أتباعهم من الذهاب للعمل لكي لا تحدث مواجهات مع السنة في أماكن العمل من جهة ولحماية عوائلهم في المنامة من السنة من جهة أخرى . وعلى ضوء ذلك انتشرت إشاعات بين السنة بأن السيد محمود العلوي مسئول الحسابات في الحكومة قد دعى إلى إضراب عام . ولم يذهب أي من الشيعة للعمل في شركة النفط أو الدوائر الحكومية .
يقول المعتمد البريطاني : (3) " في الساعة العاشرة من صباح الاثنين استلمت تقريرا ً بأن اقتتالا ً يدور في السوق . فذهبت بمصاحبة المعتمد السياسي والمفتش ومتطوعين ، شيعي وسني ، من الموظفين بالمعتمدية ، إلى السوق ولكننا لم نجد شيئا ً . فقد كانت السوق مغلقة وكان هناك جو من التوتر بين السنة الواقفين في السوق . وكانت الشرطة متواجدة بقوة يسندهم نواطير مسلحون ومفرزة من الشرطة على خيولهم . تجولت بسيارتي بهدوء في السوق وفي مناطق الشيعة حيث وجدت أكثرهم متجمعين هناك . وسمعت من أحد موظفي بابكو الذي التقيتهم في السوق بأن العمال السنة في عوالي قد أضربوا عن العمل وهم يطالبون بوسائل نقل الشركة للمجيء إلى المنامة للاشتراك في الاقتتال الذي يعتقدون أنه قائم "
وبهذا أصبحت الشرطة على قناعة بأن هدفهم هو منع السنة الهائجين بسبب الإشاعات ، من المجيء إلى المنامة من المحرق وعوالي . ولذلك فقد انتشرت الشرطة في مواقع ثلاثة ، على جسر المحرق ، وعند ردم الكوري على الشارع المؤدي إلى عوالي ، وفي السوق لتغطية الطرق المؤدية إلى مآتم الشيعة . وكان هناك إدراك بأن تجمعات المحرق هي الخطر الأول . وكان بالإمكان فتح الجسر لكي يستطيع الناس العبور ، ولكن الشخص المسئول عن ذلك لم يكن موجودا ً .
وكانت هناك اتصالات بين مدير شركة النفط والمعتمد بأن هناك حوالي 300 شخص من السنة يطالبون بسيارات لنقلهم للمنامة للمشاركة في الإضطرابات وبذلك كان الجو متكهربا ً بدرجة غير اعتيادية . ذهب المعتمد ومعه المستشار إلى المنامة ورأوا الشيعة مجتمعين في مآتم سيد محمود وقد حصنوا أنفسهم بعد أن حفروا خنادق في الشوارع المؤدية إلى المآتم . وكان هؤلاء يعتقدون أنهم الجانب الخاسر في المعركة لعدم ثقتهم في الشرطة والحكومة ، ولذلك كانوا يتطلعون إلى حماية رسمية . ومع ذلك فقد قضوا الصباح في المأتم . وكانت هناك قناعة بأن الوقت يذهب بحالة الهيجان لدى الطرفين .
ولكن في هذا الوقت كان أكثر العمال السنة في شركة النفط قد تمكنوا من الحصول على مواصلات وأنهم في الطريق إلى بيوتهم . وفي ردم الكوري كانت هناك حوالي سبعة باصات تحمل أشخاصا ً إلى منازلهم في المنامة أو المحرق أوقفتهم الشرطة ثم سمحت بحركتهم واحدا ً واحدا ً على فترات ومع كل باص شرطي واحد بعد أن سحبت كل " الأسلحة " التي مع الأفراد . وكانت " الأسلحة " عبارة عن أخشاب صناديق الشحن وقطع أنابيب مياه وغيرها من الأدوات المعدنية التالفة . ولم يبق في بابكو خلال ذلك اليوم إلا حوالي 100 شخص ممن يعملون في مناطق متفرقة وحتى الأولاد سحبوا من مدارس الشركة بعد أن جاء أحد الشيوخ وأعلن ذلك اليوم " عطلة " قبلها الأولاد بترحيب كبير .
في عصر ذلك اليوم ( الاثنين 21 سبتمبر ) جمع المستشار عددا ً من الوجهاء الشيعة والسنة وطلب أن يذهب كل اثنين منهم ( واحد شيعي وآخر سني ) للقرى لتهدئة الأوضاع والطلب منهم بعد المجيء إلى المنامة .
وطوال ذلك اليوم كان أكثر الناس إزعاجا ً المجموعات في المحرق . فقد تجمع عدة مئات منهم أمام مركز الشرطة عند مدخل الجسر وكانوا يتلذذون بالشعور بأنهم يعارضون الشرطة ، وكانوا يترصدون الباصات المقبلة من المنامة ويهددون بضرب أي شيعي فيها ، ويعتقد أن هؤلاء ، أو بعضا ً منهم مسؤولون عن أسوأ حالات العنف التي حصلت ذلك اليوم في عراد التي يقطنها الشيعة في جزيرة المحرق .
ففي عصر ذلك اليوم انتشرت شائعة في المتجمهرين بالمحرق بأن شيعة عراد يهاجمون السنة . وقد عرف في ما بعد بأن اثنين من عائلة آل خليفة كانوا يحرضون المتجمهرين على الإسراع للانتقام من أهالي عراد ، وكانوا مسلحين ببنادق نارية ، واصطحبوا عصابة إلى عراد . وركبوا قاربا ً وهاجموا المدينة من البحر مرتين . وجرح في تلك الهجمات على الأقل ثمانية أشخاص ، اثنان منهم بجراح خطيرة ، وكان الجروح ناجمة عن الإصابة بطلقات نارية من المهاجمين .
بعد سماع الخبر ، ذهب المفتش هايد مع المستشار مع مفرزة من الشرطة إلى عراد ، ورغم أنهم تعرفوا على المجرمين إلا أنهم لم يعتقلوا أيا ً منهم . وكانت هناك شائعات من اعتداءات أخرى ( على مناطق المحرق ) ولكن لم يتأكد أي منها .
في مساء ذلك اليوم رجع الحاكم ، الشيخ سلمان ، من رحلة القنص في جنوب البلاد ووافق بطلب من المعتمد ، على إصدار إعلانين ، أحدهما بمنع التجول من الثامنة والنصف حتى الخامسة صباحا ً والثاني بمنع التجمهر لأكثر من ستة أشخاص .
ولم تحدث إلا اختراقات بسيطة لمنع التجول في مساء ذلك اليوم ، وكما يقول المعتمد فإن " العرب ليسوا من هواة التظاهر في الليل ؟ .
استمر إعلان حظر التجوال في اليوم التالي ( 22 سبتمبر ) في المحرق والمنامة وهدأت الأوضاع بشكل عام في مساء ذلك اليوم ، وألغي الحظر في اليوم التالي ( 23 سبتمبر ) بينما بقي قرار حظر التجمع حتى 29 سبتمبر ، وذهب عمال من بابكو والدوائر الحكومية إلى أعمالهم في يوم 24 سبتمبر .
ويلخص المعتمد السياسي في تقريره ما حدث بالنقاط التالية :
1- إن الاضطرابات كانت تعبيرا ً عن مشاعر عميقة بين الشيعة والسنة بتعبير آخر ، بين العرب والبحارنه .
2- لم يقتل أحد ، وكان العطب في المباني والمنشآت ضيئلا ً ، وبلغ مجموع الإصابات 70 حالة خطيرة .
3- بالرغم من وجود برنامج للمسيرات المختلفة قبل الحدث ، فإن انفجار الوضع أوضح بأن الشرطة لم تكن لها خبرة بالسيطرة على الجموع أو التصدي لاقتتال الشوارع أو الاعتقال في التجمع المعادي ، ويعتقد المعتمد أن هناك حاجة لمزيد من الضباط البريطانيين .
4- بالرغم من أن السنة في جميع الحالات تقريبا ً ، هم المعتدون ولكون الحكومة من السنة ، فإن هناك انحيازا ً واضحا ً لدى البوليس ضد الشيعة . إن الحاكم وأفراد عائلته يلقون باللائمة على الشيعة ، ومن خلال تعليقات من نوع : " لم تكن هذه المواكب مسموحة عهد الشيخ عيسى " ، يتضح أنه إذا كانت هناك خطة لاتخاذ أي إجراء لمنع الاضطرابات في مواسم عاشوراء المقبلة ، فإنها ستكون على شكل تقليص حريات الشيعة ، وهو ما سوف يؤدي إلى شكاوي سياسية أخرى .
5- حتى نهاية سبتمبر لم تبدأ الحكومة النظر في القضية ، ولم يعتقل إلا شخصان أو ثلاثة . وفي رأي الشيخ فإنه يجب أن لا يعمل شيء حتى تهدأ الأجواء .
ويقول المستشار (4) :
" تزامن مع حدوث الاضطرابات الطائفية في البحرين تطورات على الأوضاع في السعودية . فقد كان الملك عبد العزيز بن سعود على فراش الموت وكان أمير الإحساء سعود بن جلوي مريضا ً في المستشفى . وشجع هذا الوضع عمال أرامكو على الإضراب ، ورجع على أثر ذلك عدد كبير من البحرانيين إلى البلاد وهم متشجعون للإضرابات والمطالب العمالية ، ولكن عندما اعتقل قادة الإضراب في السعودية ونقلوا إلى الرياض انتهى الإضراب ورجع البحرانيون إلى أعمالهم في الجزيرة العربية " .
انتهى العام 1953 بمشاكله الطائفية وبدأ العام 1954 ، وهو عام ، برغم مشاكله ، إلا إنه بداية التلاحم الوطني والوعي الجماهيري الذي أدى في النهاية لطرد المستشار بعد ثلاثة أعوام . ويعلق المستشار على ذلك العام بقوله في مذكراته :
" إنه عام 1954 ، عام استمرار عدم الاستقرار السياسي ، الإضرابات ، المظاهرات والاضطرابات ابتدأت بشجارات طائفية وفسحت المجال للتحريض الموجه للحكومة . لقد أصبحت البحرين مكانا ً مختلفا ً تماما ً عما كانت عليه عندما عرفتها أول الأمر " .
في مارس 1954 ، حكم على ثلاثة أشخاص من الذين هاجموا عراد بالطرد من البلاد لمدة عام واحد .
في تقرير المقيمية السياسية بتاريخ 6 أبريل 1954 كتب المقيم السيد بي . أي . بي . باروز ما يلي (5) :
" أن هناك دلائل على جنوح الجالية الشيعية نحو الانتفاض للقيام بعمل إيجابي لحل مشاكلهم ، فقد قام عدد منهم ، ومعظمهم من الشباب ، بكتابة عريضة يذكرون فيها الظلامات العامة والخاصة التي يعانون منها وأرسلوا نسخا ً منها للحاكم ، والمقيم السياسي ، والمعتمد السياسي ، ورغم أنه لن يقوم الحاكم بعمل مكشوف لإرضاء البحارنه ، فإنه بلا شك سيقوم بعمل ما لإزالة بعض الأسباب الطفيفة للشكاوي . ومن الملاحظ أنه دعى عددا ً كبيرا ً نسبيا ً من البحارنه للوليمة التي أقامها بمناسبة زيارة الملك فيصل " .
وكتب في تقريره بتاريخ 8 مايو ما يلي (6) :
" انتظر وفد من الموقعين على عريضة الشيعة موعدا ً مع الحاكم ولكنه أجل ذلك حتى ما بعد زيارة الملك سعود . وقام الوفد بزيارة السيد وول وزيارتي . وأن كثيرا ً من شكاوي الشيعة يمكن إزالتها بعمل إداري صغير ، ولكن ما يشكون منه هو غياب العدالة غير المنحازة وبالتأكيد فإن هناك أرضية لنشوء هذه القناعة لديهم . والتقرير في الفقرة 22 من رسالتي في شهر فبراير اتضح الآن أنه غير صحيح وأن أمر النفي ضد قادة الاعتداء عى عراد في سبتمبر الماضي لم ينفذ .
ويقال أن محاكمة المتهمين الباقين ستبدأ قريبا ً . وقد هدد الشيعة بإضراب عام إذا لم يستمع لشكاواهم . ولربما يكون تعيين قاض أو قاضيين في محاكم البحرين أو ضابط قانون بريطاني ( وهو ما طلبناه منذ زمن طويل ) قد يذهب بعيدا ً في إزالة شعورهم بالقمع .
في هذا الوقت فإن عدم الرضى عن المحاكم في البحرين لم يعد محصورا ً بالشيعة وقد تسببت حادثتان مروريتان مؤخرا ً في إثارة غضب المواطنين . ففي إحداهما ، صدم عبد الله بن جابر ، وهو اليد اليمنى للحاكم الماضي ( حمد بن عيسى ) ، شخصا ً شيعيا ً ولكنه لم يتوقف ولم يبلغ الشرطة بالحادثة . ومع ذلك لم يقدم للمحاكمة . وفي الثانية ، جرح الشيخ أحمد ، أخو الحاكم ، مدرسا ً فلسطينيا ً وقتله ، وهناك دلائل كبيرة على أنه كان مخمورا ً وقت الحادثة . فأرسل مباشرة إلى بريطانيا ولم تقدم ضده دعوى قانونية " .
وكتب في 8 يونيو 1954 ما يلي (7) :
" ما نزال نستلم تقارير عن توتر طائفي في البحرين ، وفي الوقت نفسه هناك انتقادات مكتوبة ومنطوقة ضد إدارة الحاكم وظلمه وقد أبقى الحاكم نفسه معزولا ً في قصره بالرفاع خلال شهر رمضان ، ولكنني أعرف الآن أنه بدأ يدرك أن الأمور في البحرين ليست على ما يرام ، وأنه صرح بعزمه على معالجة الأمر بعد رمضان " .
وفي 12 يوليو 1954 كتب ما يلي (8) :
" كان تصاعد العداء الطائفي أهم حدث مميز في البحرين خلال الشهر . فخلال موسم العيد ، دخل رجلان في جدل عادي في سوق المحرق حول سعر عقد من سمك الصافي ، وخلال الجدال حول السعر دفع أحدهم الآخر فسقط ومات . وكان الرجل الذي مات سنيا ً أما الآخر فكان من الشيعة . وثبت بعد ذلك أن سبب الموت كان توقف القلب ، وحكم على المعتدي في محكمة البحرين " لاستعمال عنف يحتمل أن يؤدي لإحداث جرح " . وفي ضوء ما تنطوي عليه القضية ، طلب بلجريف من هاينز أن يجلس على منصة المحكمة ، وطبقا ً لهاينز فقد عوقب الرجل بما يستحقه . ولكن في الواقع فإن الحكم بالسجن عاما ً كاملا ً كان طويلا ً .
وجرت حادثة أكثر خطورة في منطقة خزانات سترة التابعة لشركة نفط البحرين المحدودة ( بابكو ) . فقد قام ولدان من الشيعة بإخراج الهواء من عجلتي دراجتين لولدين من السنة وعند رجوعهما ، أمسك السنيان بالشيعيين وقاما بضربهما . وفي وقت سريع تدخل الرجال من الجانبين في القضية ، وقام أحد الباصات بنقل الرجال من إحدى القرى الشيعية المجاورة إلى مكان الحادثة ، وأصبحت القضية التي بدأت هزيلة قتالا ً شديدا ً جرح فيه عدد من الرجال .
وفي 30 / 6 قدّم ثمانية من الشيعة وثلاثة من السنة إلى المحاكمة ، وحكم على أحد الشيعة بالسجن لفترة أربع سنوات وثلاثة لفترة ثلاث سنوات ، بينما حكم على الشيعة الباقين والسنة ( الأولاد الثلاثة أصحاب الدراجة ) بالسجن شهرا ً واحدا ً . ورغم أن الأحكام ربما كانت ثقيلة وغير مناسبة بين السنة والشيعة ، إلا أنه لا يبدو أن هناك ظلما ً مجحفا ً . وحضر حوالي 300 شخص من قرى سترى إلى القلعة يوم المحكمة .
وجاءت مظاهرات الشيعة من مسجد مؤمن حيث تجمع الناس من القرى حوالي الساعة 9:30 وقتل فيها ثلاثة وجرح اثنا عشر آخرون لاحقا ً . وكان المعتمد في اجتماع مع الشيخ سلمان في الرفاع ، وعندما سمع بخبر إطلاق النار على الشيعة ومقتل بعضهم طلب من الحاكم في الحال تعيين لجنة لتقصي الحقائق ، ثم عاد إلى المعتمدية ليجد مئات من الشيعة محتمين بالمعتمدية . وبعد قليل جيء بثلاث جثث من المقتولين ( وكلهم كانوا في حوالي 17 سنة ) وحملها المتظاهرون إلى المقبرة . ويقول المعتمد السياسي في رسالته لوزارة الخارجية في 20 / 7 / 1954 حول المظاهرة " ربما كانت لديهم فكرة الإفراج عن المعتقلين الشيعة ، أو أن القلعة ، مثل الباستيل ، كانت تمثل لهم رمزا ً عاما ً للقمع والظلم " وكان المتظاهرون أمام المعتمدية يطالبون بأمور عديدة منها إقالة الشيخ خليفة بن سلمان من إدارة الأمن العام . ثم ذهب الناس إلى بيوتهم الساعة الثانية بعد الظهر ودفنوا قتلاهم في اليوم التالي ( الجمعة 2 يوليو ) " .

وفي ذلك اليوم التقى المعتمد السياسي بشخصين من زعامات الشيعة ( منصور العريض وحسن المديفع ) وحاول إقناعهم بالسيطرة على الطائفية الشيعية لأنه لم يكن مرتاحا ً للأشخاص الأربعة الذين التقاهم واعتبر اثنين منهم " متطرفين " وفي المساء التقى المعتمد الأربعة والمذكورين وكرروا عليه مطالبهم وهي :
1- إقالة الشيخ خليفة بن سلمان ( المدير العام للشرطة ) وشخص آخر .
2- إطلاق سراح الأفراد الذين سجنوا في قضية سترة أو على الأقل إعطاؤهم فرصة الاستئناف ضد الحكم .
وأكد الأربعة استعداد الشيعة للاستمرار في الإضراب الذي بدأوه حتى تبدي الحكومة حسن نيتها تجاه حماية الشيعة ( من آل خليفة ) .

وفي هذه الأثناء كان الإنجليز ( عن طريق المقيم والمعتمد ) يسعون لتمزيق الزعامة الشيعية ، فقاموا بتشجيع الشخصين الكبار المذكورين بالاهتمام بموضوع الإصلاحات إلى جانب وفد الأربعة وفي اجتماع مع المعتمد طرح الاثنان مطالبهما بما يلي :
1- إصلاح المحاكم والشرطة .
2- تقنين الأحكام لتصبح مطبقة على الجميع .
3- النظر في مسألة إنشاء مجلس لممثلين عن الشيعة والسنة للعمل كمحكمة عدل تساعد الحاكم .
في هذه الأثناء كانت هناك لقاءات بين عدد من السنة والشيعة لتفادي استمرار التوتر الطائفي الذي لا يستفيد منه إلا آل خليفة والإنجليز لأنه يضعف الصف الوطني . وفي هذا الصدد كتب المقيم إلى وزير الخارجية البريطاني أنتوني ايدن في 23 / 6 / 1954 قائلا ً :
" قلت له " الحاكم " بأنني أعرف أن هناك كلاما ً عن لقاء بين ممثلين من الشيعة والسنة لحل خلافاتهم الطائفية وأن بعض الاجتماعات قد أحدثت فعلا ً لذلك الغرض ، ولكن هذه الاجتماعات لم تشجع من الحكومة لأنه يبدو أن المعنيين أرادوا أن تكون هذه الاجتماعات حجة لتقديم كل أنواع المطالب السياسية غير المقبولة . وبينما عرفت بأن قيادة هذه الحركة قد خرجت من أيدي العقلاء والمحترمين من الجاليتين ، وبالتالي فلا بد من التشكيك في دوافع المشجعين على التفاهم الطائفي " .
وكان يتحدث عن لقاء بينه وبين الحاكم في 20 يونيو . وجاء في الرسالة أن المقيم طلب من الحاكم أخذ زمام المبادرة للإصلاح بين الطرفين بتعيين لجنة من الطائفتين للنظر في الأمور إلا أن الحاكم رفض ذلك الاقتراح قائلا ً بأنه سيجعل المعنيين في اللجنة مرفوضين من الطرفين وأن هناك احتمالا ً بأن يتحول هؤلاء إلى ممثلين حقيقيين لطائفتهم ، وإن تعيين مثل هذه اللجنة سوف يشجع المؤججين للثورة على الاستمرار في مطالبهم مثل عزل المستشار البريطاني والسيطرة على المدخولات والتربية والمحاكم القانونية وتكوين حكومة تمثيلية .

أغضبت هذه الأحكام الشيعة الذين قاموا بعد يوم من المحاكمة بالزحف نحو القلعة في ( 1 / 7 / 1954 ) حيث طالبوا بإطلاق سراح إخوانهم الشيعة من السجن . فقامت الشرطة بإطلاق النار ( ربما بدون أمر ) وقتل خمسة من الشيعة إما حالا ً أو نتيجة جراحهم . فغضب الشيعة لذلك وأعلنوا إضرابا ً حتى يتم تنفيذ الإصلاحات التي كانوا يطالبون بها وما يزال الموقف غير مريح وقابل للانفجار .
وفي هذه الأثناء كان الحاكم يشعر بأن الحكومة البريطانية قد لا تسانده بالقوة التي يريدها فطلب منهم ذلك . وقامت محطة الإذاعة البريطانية في 5 يوليو ببث خبر في قسمها العربي عن الاضطرابات ومؤكدة العلاقات الوطيدة بين بريطانيا والبحرين ومعربة عن ثقتها بأن الحكومة ستتخذ الحلول المناسبة لإعادة السلام بين الطائفتين .
وفي 8 يوليو وزعت في السوق منشورات تتضمن " مطالب شعب البحرين وكانت كالتالي :
1- تكوين " مجلس استشاري " يتكون من عدد متساو من الشيعة والسنة لمتابعة كل الشؤون العامة وكتابة قواعد وتوصيات تقدم للحاكم لإقرارها أو رفضها المعقول .
2- تكوين لجنة قانونية لتشريع قوانين ، والقانون يوافق عليه المجلس الاستشاري .
3- إصلاح المحاكم وذلك بتعيين قضاة لديهم شهادات جامعية .
4- انتخاب مجالس للبلدية والصحة والتعليم .
5- إصلاح الشرطة وإقرار مبدأ أن يكون رئيس الشرطة مسئولا ً عن تبعات أي خرق للأمن والسلام .
6- دفع تعويضات لضحايا الأحداث منذ العاشر من المحرم العام الماضي .
7- معاقبة المسئولين عن إطلاق النار في 1 يوليو .

أما موقف المعتمد السياسي فكان كالتالي :
1- محاولة إقناع الحاكم بقبول إصلاح المحاكم والشرطة ، ولكن رفض المجلس الاستشاري أو أية انتخابات ما عدا للبلديات لأن ذلك يشجع على الديمقراطية التي لا تصلح للبلاد ! .

2- الحصول على وقت إضافي للنظر في إصلاح جهاز الشرطة لكي يكون قادرا ً على مواجهة أي مطالب غير مقبولة مستقبلا ً .
هذا في الوقت الذي كان الإضراب مستمرا ً حتى 10 / 7 حيث رجع 90% من عمال النفط ، اجتمعت العائلة الخليفية مساء 6/ 7 في قصر الحاكم وطالبوا بكل أنواع القسوة ضد المضربين .
وأثـــّـر إضراب الشيعة على 70% من شركة ودائرة الأشغال وأغلقت كل المتاجر وسوق السمك وسوق الخضرة .
وفي 12 أغسطس كتب كما يلي (9) :
" بعد استمرار الاضطرابات الطائفية بين الشيعة والسنة ، أمر الحاكم بتكوين هيئة لتقصي الحقائق وطلب من القاضي هاينز أن يساعد كمستشار ، مما استدعى رجوعه خصيصا ً من المملكة المتحدة .
في هذا الوقت تظاهر الشيعة أمام المعتمدية السياسية ، وأعلنوا عن عزمهم على الاستمرار في إضرابهم الفاعل والحسن التنظيم حتى يتم الاستماع لمطالبهم . وازداد الوضع تهيجا ً مع إعلان وثيقة في 5 / 7 / 1954م بالتعاون مع " الشباب التقدمي " من السنة ، تطالب في ما تطالب به ، بمجلس استشاري ، " قانون أساسي " ، قضاة أكفاء ، مجالس بلدية منتخبة ، وإصلاح جهاز الشرطة .
وقد أثار ذلك رد فعل عنيف في العائلة الحاكمة وأتباعهم من القبائل وغضبا ً بين السكان بالمحرق . ولكن بعد عدة أيام من الركود ، فقد أثمرت جهود أفراد مسؤولين من كلتا الجاليتين لعدة أيام وكذلك جهود وحسن تدبير من الشرطة ، حيث تم طمأنة الجالية الشيعية من قبل اثنين من قياداتهم الكبار اللذين التقى بهم الحاكم ، ومع حلول العاشر من يوليو رجع الكل إلى أعماله .
وفي 15 يوليو أعلنت الحكومة عن تكوين منصب مستشار قضائي وتعيين قاض بريطاني في ذلك المنصب ( ولسبب ما فقد فهم ذلك على أنه تعيين قاضيين إنجليزيين ) ، لوضع مسودة لقانون جنائي ، وللإجراءات المدنية الجنائية ، وتعيين شخص عربي قانون مؤهل ككاتب لمحكمة البحرين ، وتعيين ضابط للشرطة مدرب لمنصب مساعد القومندان ومسئول عن التدريب والتنظيم ، ودفع غرامات مقابل القتلى والمجروحين خلال أعمال العنف التي حصلت في الاضطرابات الأخيرة .
وفي الوقت نفسه قامت هيئة تقصي الحقائق بكتابة تقريرها حول حادثة الأول من يوليو ، ولكن القاضيين الشيعيين غضبا ورفضا الجلوس في المحكمة . فجلس مكانهما تاجر سني هو أحمد فخرو ، وتاجر شيعي معروف هو منصور العريض الذي أثبت أنه أكثر كفاءة من القاضيين الشرعيين . وجاء القاضي هاينز خصيصا ً من لندن لهذا الغرض ، وأجرى التحقيق بعمق وشمول ملحوظ ، وكانت الجلسات النهائية مفتوحة للجميع ، وفحصت أدلة 27 شاهدا ً ، وقدمت الهيئة تقريرا ً بموافقة الجميع في اليوم الخامس . فقال التقرير أن المظاهرة كانت مزعجة وقاسية ، ولكن اللوم يقع على الشرطة لإطلاقهم النار بدون أوامر ، وحيا تصرف أحد الضباط لمحاولته تفريق الجموع بسلام ، وأوصى بعمل تأديبي ضد الذين أطلقوا النار بدون أوامر ، وأوصى أيضا ً بتسليح الشرطة بأسلحة أقل خطرا ً من بنادق الخدمة للاستعمال في المهمات المدنية ، وألمح إلى الغياب الكامل لضباط الشرطة خارج القلعة رغم التحذيرات بقدوم المتظاهرين .

في البداية أعلن القضاة الشيعة بأنهم سيقاطعون الهيئة بسبب وجود الشيخ عبد الله رئيسا ً لها . ولكن بعد ذلك حضر معظم الذين دعوا لحضور الجلسة العامة وتقدم عدد من الشيعة بشاهداتهم . وقد أرسلت نسخة من التقرير لكل الذين حضورا الجلسات ، ولكن لم يعلن عنه حتى الآن .
مباشرة في أعقاب إصدار البيان الحكومي في 15 يوليو ، قام الحاكم بتعيين لجنة مكونة من تاجرين من الشيعة وتاجرين من السنة للنظر في مسألة التعويضات . وأصدرت اللجنة توصيتها بدفع مبلغ 15000 روبية وعلاوة قدرها 100 روبية شهريا ً لمدة ثلاث سنوات لعوامل الأربعة الذين قتلوا في القلعة ، أما المبلغ النقدي فيستثمر في العقار من قبل إدارة القاصرين . وقد أجلت مسألة المجروحين حتى يتم الحصول على تقارير طبية ، وقد وافق الحاكم على هذه التوصيات . وقد قوبلت التوصيات بالترحيب محليا ً ، وسوف يأتي أحد المتقدمين لمنصب المستشار إلى البحرين للمقابلة في بداية أغسطس ويؤمل أن يتم هذا المنصب الذي اقترح منذ عامين . وهناك أمل في الحصول على ضابط شرطة واحد على الأقل في المستقبل القريب . وكان الوضع الطائفي والسياسي في نهاية الشهر يتميز بهدوء سطحي .
وكتب في 16 سبتمبر 1954 ما يلي (10) :
" المطالب الوطنية " لقد استمرت الصحافة في اهتمامها بـ " المطالب " ولكن على العموم يبدو أن النسا مقتنعون بالانتظار لرؤية ما سينتج عن التعيينات الجديدة التي قامت بها الحكومة . وقد جاء السيد بيس وهو المرشح لمنصب المستشار القضائي للمقابلة مع الحاكم والمستشار في بداية الشهر وقد تأكدت مسألة تعيينه . وتبذل الآن جهود للحصول على مرشح لمنصب نائب قومندان الشرطة .
وتم الاحتفال بذكرى " الأربعين " لـ " الشهداء " في حادثة 1 يوليو في 12 أغسطس ، حيث أغلق الشيعة متاجرهم وقاموا بمسيرات للمقبرة . وقد طبع منشور بالمناسبة في لبنان يحتوي على صور الشباب الذين قتلوا ويقال أن 1500 نسخة بيعت بثمن نصف روبية للنسخة الواحدة . وقد دفعت الحكومة تعويضات لعوائلهم ، وليس من الواضح كيف ستصرف عائدات المبيعات المذكورة . ولكن حادثة 1 يوليو حديثة العهد فإن هناك قلقا ً حول ترتيبات العاشر من المحرم وخطة الحكومة تتمثل بحصر احتفالات الشيعة بمنطقة الشيعة من المنامة وعدم السماح للسنة في تلك المنطقة أو المواكب بالخروج منها . ويبدو أن أغلب الشيعة وافقوا على ذلك ، ولكن هناك نواة متعصبة تعتبر أي عمل من الحكومة السنية عملا ً مقصودا ً منه التمييز العنصري والديني . وفي الوقت الذي يصل فيه الشيعة إلى حالة الهستيريا ، فإن هناك احتمال تجاهل بعض مجموعات المتظاهرين للترتيبات الموضوعة سلفا ً ثم لوم الحكومة لتبعات ذلك . ومن خلال التجربة ، فإن هناك ثقة قليلة في قدرة الشرطة على التعامل مع أي إخلال كبير أو جدي بالنظام بدون أن يصنعوا " شهداء " جدد .
- لقد أصدر الحاكم تعليمات شخصية لقومندان الشرطة بأن يتم العفو عن الشرطة الذين اتهمتهم لجنة تقصي الحقائق بإطلاق النار بدون أوامر .
- قامت مجموعة من الشيعة بتقديم عريضة إلى الشيخ تطلب منه إصدار عفو عن الأشخاص المسجونين في قضية سترة . ويصر الحاكم على أن تطرح القضية بالشكل الطبيعي بطلب استئناف . ولكن أصحاب العريضة إما أنه م لا يفهمون أو لا يريدون الانصياع لذلك .

وكتب في 7 أكتوبر ما يلي (11) :
" – بعد أن أظهروا قدرا ً من الصبر والانضباط لمدة شهرين منذ إعلان الحكومة عن إدخال إصلاحات في المحاكم والشرطة ، أرسل الشيعة مذكرة تشير إلى أن قدرا ً ضئيلا ً مما وعدوا به قد أنجز . وهذه المذكرة تختلف عن الطلب الأول فهي موقعة من قبل السيد علي السيد إبراهيم ، وهو عالم دين ، طرح نفسه قائدا ً للمجموعة الإصلاحية للبحارنه . ولكن الشكوى ليست مبررة بشكل كامل .. فقد عين مستشار للقضاء ، وقد منحت الحكومة منصب مساعد قومندان الشرطة لأحد المرشحين ، ودفعت التعويضات لأقارب المقتولين في حادثة 1 يوليو . صحيح أنه ليس هناك تقدم في مسألة تعيين ضباط شرطة جدد ، وكذلك لم يتخذ أي إجراء على ضوء تقرير لجنة تقصي الحقائق في حادثة 1 يوليو .
وما يزال الاستئناف حول المسجونين في قضية سترة قائما ً ، وذلك بسبب تردد الحاكم في تقديم مبادرة سخية في الموضوع لكي لا يثير بقية عائلته . وفي الوقت نفسه أثار الشيعة رسائل للمعتمد السياسي ولي شخصيا ً ، مسألة تكوين حكومة ممثلة للجميع " .
وفي تقريره للمقيم السياسي في الخليج في 18 سبتمبر 1954 طرح المعتمد السياسي وجهة نظره في حادثة 1 يوليو بقوله : " رغم كونها تستحق الشجب ( حادثة 1 يوليو ) فإنها كانت درسا ً بليغا ً لمن يتمردون ، على الحكم " ! .
وفي التقرير نفسه ، حدد طبيعة مشاعر الشيعة وأهدافهم فقال : " إن المشاعر الغاضبة التي سببتها إطلاق النار ( في حادثة 1 يوليو ) وإضراب الشيعة لاحقا ً لم تكن مشاعر طائفية ، وتبدو الآن أنها كانت ( تعبيرا ً عن موقف ) الشيعة ضد آل خليفة وليس الشيعة ضد عموم السنة " .
وكانت الاحتياطات التي اتخذت هذه العام لمنع تكرر ما حدث العام السابق قد ساهم في وضعها جميع المعنيين من رؤساء المآتم والحكومة والمستشار . وكانت تقوم على أساس منع المتفرجين وذلك بتسوير المنطقة الشيعية في المنامة التي تحتوي على جميع المآتم ما عدا واحدا ً ( هو رأس رمان ) . أما في المحرق فلم توضع لها أي خطة لعدم وجود قوة كافية من الشرطة .
وفي المنامة استخدم النواطير لحراسة المنطقة بدلا ً من الشرطة لأن هؤلاء رفضوا العمل بدون السلاح المملوءة بالذخيرة الحية طبقا ً لتوصيات لجنة تقصي الحقائق .
وأمر الحاكم أفراد عائلته بعدم الذهاب إلى المنامة مما ساعد تهدئة الخواطر لأنهم كانوا في العام الماضي أحد أسباب المشاكل .
- مر العاشر من المحرم بدون اختراق للأمن ، مما أراح الجميع . لقد تعلمت الحكومة درسا ً من العام السابق ومن حادثة 1 يوليو ، ولذلك وضعت خطة حذرة لتنظيم المسيرات لتفادي الاصطدامات . وقد تعاون الشيعة أنفسهم بشكل عام بفاعلية واندفاع .
وشكلت أحداث ذلك العام درسا ً بليغا ً لجميع الوطنيين من الطائفتين بضرورة الخروج من المأزق الطائفي وضرورة الوحدة الوطنية والتمسك بالمطالب الوطنية والديمقراطية التي هي مطالب لكل الشعب ، في صراعه ضد تفرد الأسرة الحاكمة بالسلطات ، ومساندة البريطانيين لها ، وخاصة المستشار البريطاني ، في موقفها المتعنت .

______________

* الهوامش :
1- رسالة المقيم السياسي في البحرين . بي . إيه . بي . باروز إلى وزير الخارجية البريطاني : انتوني ايدن ، رقم 99 في 13 أكتوبر 1953 .. ملف وزارة الخارجية رقم FO371/ 104263
2- تقرير المعتمد السياسي في البحرين جي . دبليو . وول إلى المقيم السياسي رقم 7 بتاريخ 5 أكتوبر 1953 في ملف وزارة الخارجية البريطاني FO371/ 104263
3- المصدر السابق .
4- كتاب المستشار ، تشارلز بلجريف ، Personal Colun الصفحة 128 .
5- تقرير المقيم السياسي رقم EA1013 / 4 بتاريخ 8 مايو 1954 في الملف السابق .
6- تقرير المقيمية السياسية رقم EA1013 / 5 بتاريخ 8 مايو 1954 في الملف السابق .
7- تقرير المقيم السياسي رقم EA1013 / 6 بتاريخ 12 يونيه 1954 في الملف السابق .
8- تقرير المقيم السياسي رقم EA1013 / 7 بتاريخ 12 يونيه 1954 في الملف السابق .
9- تقرير المقيم السياسي رقم EA1013 / 9 بتاريخ 12 أغسطس 1954 في الملف السابق .
10- تقرير المقيم السياسي رقم EA1013 / 10 بتاريخ 16 سبتمبر 1954 في الملف السابق .
11- تقرير المقيم السياسي رقم EA1013 / 11 بتاريخ 17أكتوبر 1954 في الملف السابق .

هناك تعليقان (2):

  1. مرحبا ، هل أنت بحاجة إلى دعم مالي؟ هل تحتاج إلى قرض؟
    أنا سوزان بنسون من مجموعة Sunshine Financial Group. أنا مقرض وكذلك مستشار مالي.

    نقدم جميع أنواع خدمات القروض (القروض الشخصية ، القروض التجارية ، قروض الرهن العقاري وغيرها الكثير). نقدم قروضًا طويلة الأجل وقصيرة الأجل ، وقروضًا مضمونة وغير مضمونة بسعر فائدة ميسور 3٪ سنويًا. لمزيد من المعلومات حول خدمتنا ، يمكنك فقط مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني: sunshinefinancialgroupinc@gmail.com أو راسلنا مباشرة على WhatsApp أو Telegram عبر: 00447903159998 واستقبل ردًا في الحال.

    نحن شركة خدمات مالية شاملة ونحن ملتزمون بمساعدتك على تحسين أهدافك المالية طويلة المدى وقصيرة المدى لأن استقرارك المالي هو هدفنا النهائي.

    مع ما يحدث في جميع أنحاء العالم ، يواجه الكثير من الناس تحديات مالية غير محددة الوقت ، يجد بعضهم صعوبة في الحصول على قرض من بنوكهم المحلية أو معاهد مالية أخرى لبعض الأسباب.

    يمكننا مساعدتك في حل تحدياتك المالية ، فقط اكتب لشركتي وسنساعدك بقرض. لقد ساعدنا العديد من الأفراد والمنظمات الذين يواجهون صعوبات مالية في جميع أنحاء العالم. عندما تتقدم بطلب معنا ، فإنك تتقدم بطلب مع شركة موثوق بها تهتم باحتياجاتك المالية ، وأولويتنا القصوى هي استقرارك المالي.

    لمزيد من المعلومات حول عرض القرض الخاص بنا ، يرجى إرسال طلب القرض الخاص بك إلينا عبر:
    البريد الإلكتروني: (sunshinefinancialgroupinc@gmail.com) أو ؛
    WhatsApp: +447903159998
    يمكنك الكتابة إلينا في أي وقت وفي أي مكان.
    2020 © جميع الحقوق محفوظة

    ردحذف
  2. مرحبا هل انت بحاجة الى مساعدة مالية؟ أنا سوزان بنسون. أنا مُقرض ومستشار مالي أيضًا.

    هل تحتاج إلى قرض تجاري أو قرض شخصي أو قرض عقاري أو قرض لإكمال مشروعك؟ إذا كانت إجابتك نعم ، فإنني أوصيك بالاتصال بشركتي. نقدم جميع أنواع خدمات القروض بما في ذلك القروض طويلة الأجل وقصيرة الأجل. لمزيد من المعلومات ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني: (sunshinefinancialgroupinc@gmail.com) أو راسلني مباشرة على WhatsApp عبر: 00447903159998 واستقبل ردًا في الحال.

    نحن شركة خدمات مالية شاملة ونحن ملتزمون بمساعدتك على تلبية جميع تطلعاتك. نحن متخصصون في تقديم حلول التمويل المهيكلة للأفراد والشركات بأكثر الطرق فعالية وأسرعها.

    فيما يلي بعض الأسباب التي تجعلك تتصل بنا للحصول على قرض ؛
    * الراحة - يمكنك التقدم بطلب للحصول على قرض في أي وقت وفي أي مكان.
    * المبلغ المرن - أنت من يقرر المبلغ الذي تريد اقتراضه.
    * التمويل المباشر السريع - احصل على قرضك في غضون 24 ساعة بعد الموافقة.
    * معدل فائدة مرن 3٪.
    * معدلات موافقة عالية
    * السداد المرن - لديك الفرصة لاختيار تاريخ السداد ، إما أسبوعيًا أو شهريًا أو سنويًا لمدة 1-30 عامًا.
    * تطبيق بسيط عبر الإنترنت.
    * التوجيه الشخصي والخبرة.
    * أي رسوم خفية

    لا تخسر فرصة بسبب نقص الأموال. اتصل بشركتي الآن ، يمكننا مساعدتك في الحصول على قرض لأننا ساعدنا العديد من الأفراد والمؤسسات الذين واجهوا صعوبات مالية في جميع أنحاء العالم

    لمزيد من المعلومات حول عرض القرض الخاص بنا ، يرجى إرسال طلب القرض إلينا عبر:
    البريد الإلكتروني: sunshinefinancialgroupinc@gmail.com
    WhatsApp: +447903159998

    الوسطاء / الاستشاريون / السماسرة مدعوون لجلب عملائهم وهم محميون بنسبة 100٪. في ثقة تامة ، سنعمل معًا لصالح جميع الأطراف المعنية.

    ردحذف